top of page

لمشاهدة المزيد من دراسات الكتاب المقدس باللغة العربية ، انقر هنا.

13. The Great Multitude in Heaven

13. الجمع الغفير في السماء

 

رؤيا يوحنا الأصحاح 7: 9-17

 

في دراستنا الأخيرة، درسنا ختم 144,000 مختوم من بني إسرائيل، أي الختم الذي يختم به ما نعتقد أنهم اليهود المؤمنون بالمسيح بعد زلزلة الختم السادس العظيمة التي تحدث في السماء. يذكر إنجيل كل من متى ومرقس أنه بعد ظهور العلامات في السماء، يتدخل الرب ويرسل ملائكته لجمع المؤمنين الحقيقيين جميعهم المشار إليهم بـ "المختارين". في دراستنا الأخيرة، لاحظنا ذلك في إنجيل متى (الأصحاح 24: 29-31). دعونا ندرس الآن أيضًا أقوال يسوع التي يذكرها مرقس:

 

24وَأَمَّا فِي تِلْكَ الأَيَّامِ بَعْدَ ذَلِكَ الضِّيقِ فَالشَّمْسُ تُظْلِمُ وَالْقَمَرُ لاَ يُعْطِي ضَوْءَهُ؛25وَنُجُومُ السَّمَاءِ تَتَسَاقَطُ وَالْقُوَّاتُ الَّتِي فِي السَّمَاوَاتِ تَتَزَعْزَعُ.26وَحِينَئِذٍ يُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ آتِياً فِي سَحَابٍ بِقُوَّةٍ كَثِيرَةٍ وَمَجْدٍ؛27فَيُرْسِلُ حِينَئِذٍ مَلاَئِكَتَهُ وَيَجْمَعُ مُخْتَارِيهِ مِنَ الأَرْبَعِ الرِّيَاحِ مِنْ أَقْصَاءِ الأَرْضِ إِلَى أَقْصَاءِ السَّمَاءِ. (مرقس الأصحاح 13: 24-27).

 

يحدث هذا التجمع (الاختطاف) لشعب الله، أي المختارين، في النصف الثاني من فترة السنوات السبع، لكن لا يعلم إنسان لا اليوم ولا الساعة. بعد فترة الضيق (الضيقة في نسخة الملك جايمس الجديدة KJV) والاضطهاد، ستُظلم الشمس وتتزعزع الأرض من محورها فتبدو النجوم وكأنها تسقط على الأرض (سفر إشعياء الأصحاح 24: 18-23). كتب مرقس أنه في ذلك الزمان بالذات، سيأتي ابن الإنسان، الرب يسوع نفسه، بقوة ومجد عظيمين ويرسل ملائكته ليخطفوا (اختطاف) جميع الذين دخلوا في العهد الجديد بعد أن اشتراهم بدمه.

 

دعونا نبحث الآن لنعرف ما إذا كان سفر رؤيا يوحنا يؤكد هذا الحدث حول تجمع المختارين في السماء:

 

جمع كثير يقف أمام عرش الله

 

9بَعْدَ هَذَا نَظَرْتُ وَإِذَا جَمْعٌ كَثِيرٌ لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يَعُدَّهُ، مِنْ كُلِّ الأُمَمِ وَالْقَبَائِلِ وَالشُّعُوبِ وَالأَلْسِنَةِ، وَاقِفُونَ أَمَامَ الْعَرْشِ وَأَمَامَ الْحَمَلِ، مُتَسَرْبِلِينَ بِثِيَابٍ بِيضٍ وَفِي أَيْدِيهِمْ سَعَفُ النَّخْلِ.10وَهُمْ يَصْرُخُونَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلِينَ: «الْخَلاَصُ لِإِلَهِنَا الْجَالِسِ عَلَى الْعَرْشِ وَلِلْحَمَلِ!»11وَجَمِيعُ الْمَلاَئِكَةِ كَانُوا وَاقِفِينَ حَوْلَ الْعَرْشِ وَالشُّيُوخِ وَالْحَيَوَانَاتِ الأَرْبَعَةِ، وَخَرُّوا أَمَامَ الْعَرْشِ عَلَى وُجُوهِهِمْ وَسَجَدُوا لِلَّهِ 12قَائِلِينَ: «آمِينَ! الْبَرَكَةُ وَالْمَجْدُ وَالْحِكْمَةُ وَالشُّكْرُ وَالْكَرَامَةُ وَالْقُدْرَةُ وَالْقُوَّةُ لإِلَهِنَا إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ. آمِينَ» (رؤيا يوحنا الأصحاح 7: 9-12).

 

لمَ الجمع الكثير متسربل بثياب بيض ويحمل في أيديه سعف النخل؟ (الآية 9) لمَ يشير يوحنا إلى تلك الأمور؟

 

في سفر رؤيا يوحنا الأصحاح 9: 16، ذكر يوحنا عددًا من 200 مليون، لكنه يرى في هذه الرؤيا جمعًا غفيرًا لم يستطع أحد أن يعده متسربلاً بثياب بيض. ترمز الثياب البيض إلى القداسة والنقاء: «عِنْدَكَ أَسْمَاءٌ قَلِيلَةٌ فِي سَارْدِسَ لَمْ يُنَجِّسُوا ثِيَابَهُمْ، فَسَيَمْشُونَ مَعِي فِي ثِيَابٍ بِيضٍ لأَنَّهُمْ مُسْتَحِقُّونَ» (رؤيا يوحنا الأصحاح 3: 4). يشير الوقوف بثياب بيضاء أمام وجه الله إلى كهنة إسرائيل الذين كانوا يرتدون ثيابًا بيضاء عندما كانوا يخدمون أمام الرب.[1] وفي يوم الغفران، حتى الكاهن الأعلى يخلع رداءه الذهبي الخاص جدًا، وبعد غمر وتطهير نفسه في ميكفاه، أي الاستحمام التعبُّدي، لا يمكنه إلا أن يرتدي رداءً أبيض اللون عندما يقترب من الله. يرتدي الجمع الغفير أمام عرش الله ثياب الكهنة البيضاء لأنهم أصبحوا كهنة من خلال افتدائهم بدم الحمل. «وَأَمَّا أَنْتُمْ فَجِنْسٌ مُخْتَارٌ، وَكَهَنُوتٌ مُلُوكِيٌّ، أُمَّةٌ مُقَدَّسَةٌ، شَعْبُ اقْتِنَاءٍ، ... » (رسالة بطرس الأولى الأصحاح 9:2). ويظهر أفراد الجمع الغفير الذين أنقذوا وخلصوا وهم يحملون سعوف النخل التي ترمز إلى الاحتفال وذلك على غرار أحد الشعانين عندما فرش الذين استقبلوا يسوع الملك عند دخوله القدس سعف النخل أمامه (يوحنا الأصحاح 13:12). يأمر سفر اللاويين الأصحاح 23: 40 بني إسرائيل بالابتهاج بعيد المظال والتلويح بسعوف النخل احتفالاً أمام الرب. يعكس هذا المشهد الابتهاج العظيم أمام الله والتعبير عن الشكر ليس من قبل الجمع الغفير فحسب، بل من قبل الحاضرين جميعهم أيضًا.

 

كما يروي لنا كل من متى ومرقس، يحدث مجيء الرب وتجمَع الملائكة القديسين في فترة الضيق (الضيقة) وعقب ظهور العلامات الكونية. كيف نعرف أن هذا الجمع الغفير من الواقفين أمام العرش هم أولئك الذين خطفوا (اختطفوا) على يد الملائكة عند مجيء المسيح؟ يقول البعض إن الجمع الغفير من المؤمنين هم الذين استشهدوا في الضيقة العظيمة. لكنني كنت سأجيب بأن هذا المقطع لا يذكر أنهم كانوا من المؤمنين الشهداء؛ بل إن الجمع الغفير من المؤمنين هم الذين اختطفوا على يد الملائكة وخلصوا من الاضطهاد والضيقة قبل أن يصب الله غضبه. فغضب الله على وشك أن يحدث عند فتح الختم الأخير والنهائي للسفر في يد الحمل. ويعتبر الاختطاف وغضب الله حدثين متعاقبين يحدثان بالتوالي من دون أي زمن بينهما. لقد أعطانا يسوع مثالين لما سيكون عليه هذا الزمن في إنجيل لوقا الأصحاح 17: 26-30. دعونا ندرس في البداية حادثة نوح.

 

مثال زمن نوح (لوقا الأصحاح 17: 26-27)

 

26وَكَمَا كَانَ فِي أَيَّامِ نُوحٍ كَذَلِكَ يَكُونُ أَيْضاً فِي أَيَّامِ ابْنِ الإِنْسَانِ.27كَانُوا يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ وَيُزوِّجُونَ وَيَتَزَوَّجُونَ إِلَى الْيَوْمِ الَّذِي فِيهِ دَخَلَ نُوحٌ الْفُلْكَ وَجَاءَ الطُّوفَانُ وَأَهْلَكَ الْجَمِيعَ (لوقا الأصحاح 17: 26-27).

 

كان نوح ولوط رجُلَين بارّين (رسالة العبرانيين الأصحاح 11: 7؛ رسالة بطرس الثانية الأصحاح 2: 7) عاشا من أجل الله عندما كان الشعب يعيش من أجل نفسه فحسب. في أيام نوح، كان الفساد وعمق الشر على الأرض سيئين لدرجة أن الله اضطر إلى أن يدين الشعب على خطيئته: «وَرَأى الرَّبُّ أنَّ شَرَّ الإنْسَانِ قَدْ كَثُرَ فِي الأرْضِ وَأَنَّ كُلَّ تَصَوُّرِ أَفْكَارِ قَلْبِهِ إِنَّمَا هُوَ شِرِّيرٌ كُلَّ يَوْمٍ» (سفر التكوين الأصحاح 6: 5). فأولئك الذين حرموا من الصعود على متن الفلك، كانوا راضين عن الشر من حولهم أو موافقين عليه. لقد ظنوا أن الأمور تسير على خير ما يرام مستمرين بعيش حياتهم غير آبهين بالسير في طريق البر أو بالأبدية؛ لقد كانوا يشعرون وكأنهم بين أهل بيتهم في العالم الشرير الذي يعيشون فيه. لقد تجاهلوا وعظ نوح ولم يكترثوا سوى لما هو أرضي (رسالة بطرس الثانية الأصحاح 2: 5). قال يسوع، «كَانُوا يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ وَيُزوِّجُونَ وَيَتَزَوَّجُونَ إِلَى الْيَوْمِ الَّذِي فِيهِ دَخَلَ نُوحٌ الْفُلْكَ» (الآية 27).

 

كان الرب يقول إنه، قبل مجيئه، سيأتي زمن يظهر فيه الشر الفظيع، لكن كما هي الحال في زمن نوح، سيستمر الناس في الاعتقاد أن الأمور كلها تسير على خير ما يرام، أي العمل كالمعتاد، غير مكترثين بالفساد من حولهم. سيصوّر قيام معظم الناس بالأكل والشرب والتخطيط للزواج كيف أنهم يعيشون الحياة بلحظاتها الحاضرة فحسب؛ تغمر قلوبهم المتبلدة السعادة إزاء الممارسات الشريرة التي تحدث في العالم وهم غافلون عن الحكم الوشيك. عندما بشّر نوح الشعب بأن الرب سيحاكمه، تجاهل الشعب إعلان نوح عن هذا الحكم (رسالة بطرس الثانية الأصحاح 2: 4-5). والأمر سيّان في يومنا هذا؛ يواصل معظم الناس حياتهم غير مبالين بما قاله الله. عندما أمر الرب مختاريه أن يدخلوا الفلك وأغلق الباب، أنزل الحكم في اليوم نفسه (سفر التكوين الأصحاح 7: 11-16). لاحظوا، يقال في اليوم نفسه! لن تعطى فرصة ثانية بعد رفع المؤمنين أو خطفهم أو اختطافهم. سيغلق الباب (متى الأصحاح 25: 10؛ لوقا الأصحاح 13: 28). لقد حان الوقت لصنع السلام مع الله الآن. أعطى الرب مثالاً ثانيًا عما ستكون عليه الحال عند مجيئه:

 

مثال زمن لوط

 

28كَذَلِكَ أَيْضاً كَمَا كَانَ فِي أَيَّامِ لُوطٍ كَانُوا يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ وَيَشْتَرُونَ وَيَبِيعُونَ وَيَغْرِسُونَ وَيَبْنُونَ.29وَلَكِنَّ الْيَوْمَ الَّذِي فِيهِ خَرَجَ لُوطٌ مِنْ سَدُومَ أَمْطَرَ نَاراً وَكِبْرِيتاً مِنَ السَّمَاءِ فَأَهْلَكَ الْجَمِيعَ.30هَكَذَا يَكُونُ فِي الْيَوْمِ الَّذِي فِيهِ يُظْهَرُ ابْنُ الإِنْسَانِ (لوقا الأصحاح 17: 28-30).

 

ما العبرة من كلمات يسوع أعلاه التي يجب أن نحفظها عن ظهر قلب؟

 

في كلا المثالين، تدخّل الرب ليخلّص المؤمنين، بينما أنزل في اليوم نفسه الحكم على غير المؤمنين. في المقطع الذي ندرسه في سفر رؤيا يوحنا، لم يكن الرب قد فتح بعد الختم السابع الذي ينزل غضب الله؛ فالتركيز ينصب على الأحداث التي تسبق بداية غضب الله. عند حدوث الزلزلة بعد فتح الختم السادس، نقرأ عن الذين من خارج كنيسة المسيح وهم يبحثون عن مكان للاختباء فيه من وجه الله صارخين: «16اُسْقُطِي عَلَيْنَا وَأَخْفِينَا عَنْ وَجْهِ الْجَالِسِ عَلَى الْعَرْشِ وَعَنْ غَضَبِ الْحَمَلِ، 17لأَنَّهُ قَدْ جَاءَ يَوْمُ غَضَبِهِ الْعَظِيمُ. وَمَنْ يَسْتَطِيعُ الْوُقُوفَ؟» (رؤيا يوحنا الأصحاح 6: 16-17 النسخة الإنكليزية المعيارية ESV). من يستطيع الوقوف؟ ثمة مكان واحد فحسب يمكن للناس أن يقفوا فيه في زمن كهذا، والمؤمنون من إسرائيل ومختلف أنحاء العالم هم أولئك الذين خطفوا لعرش الله ويقفون أمام الله متسربلين بالثياب البيض (رؤيا يوحنا الأصحاح 7: 9).

 

ثياب مغسولة بيضاء

 

13وَسَأَلَنِي وَاحِدٌ مِنَ الشُّيُوخِ: «هَؤُلاَءِ الْمُتَسَرْبِلُونَ بِالثِّيَابِ الْبِيضِ، مَنْ هُمْ وَمِنْ أَيْنَ أَتُوا؟» 14فَقُلْتُ لَهُ: «يَا سَيِّدُ أَنْتَ تَعْلَمُ». فَقَالَ لِي: «هَؤُلاَءِ هُمُ الَّذِينَ أَتُوا مِنَ الضِّيقَةِ الْعَظِيمَةِ، وَقَدْ غَسَّلُوا ثِيَابَهُمْ وَبَيَّضُوهَا فِي دَمِ الْحَمَلِ.15مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ هُمْ أَمَامَ عَرْشِ اللهِ وَيَخْدِمُونَهُ نَهَاراً وَلَيْلاً فِي هَيْكَلِهِ، وَالْجَالِسُ عَلَى الْعَرْشِ يَحِلُّ فَوْقَهُمْ.16لَنْ يَجُوعُوا بَعْدُ وَلَنْ يَعْطَشُوا بَعْدُ وَلاَ تَقَعُ عَلَيْهِمِ الشَّمْسُ وَلاَ شَيْءٌ مِنَ الْحَرِّ،17لأَنَّ الْحَمَلَ الَّذِي فِي وَسَطِ الْعَرْشِ يَرْعَاهُمْ، وَيَقْتَادُهُمْ إِلَى يَنَابِيعِ مَاءٍ حَيَّةٍ، وَيَمْسَحُ اللهُ كُلَّ دَمْعَةٍ مِنْ عُيُونِهِمْ» (رؤيا يوحنا الأصحاح 7: 13-17).

 

في هذا المقطع من سفر رؤيا يوحنا، ما الكلمات أو العبارات التي تعبّر أكثر عن شخصية الله وأغراضه؟ ما العبارات التي قد تضعون خطًا تحتها لأنها تتوجه إليكم شخصيًا؟

 

دعونا نأخذ بعض اللحظات لنبحث في أولئك الذين يقفون أمام العرش. إذا كان ثمة اختطاف يسبق الضيقة قبل مجيء المسيح الدجال في بداية فترة السنوات السبع، لمَ لا نرى قديسي ما قبل الضيقة وهم يرحبون بالجمع الكبير؟ نقرأ عن الحمل والملائكة والشيوخ والحيوانات الأربعة التي تقف حول العرش والله نفسه جالسًا على العرش، لكن ما من علامة على أي من المؤمنين قبل الضيقة في حفل الترحيب (رؤيا يوحنا الأصحاح 7: 9-14). أظن أننا لا نرى أيًا من مؤمني ما قبل الضيقة يرحبون بالجمع الكبير لأنه ثمة اختطاف واحد فحسب، ويحدث ذلك فيما نشرح هذا المقطع مباشرة بعد ظهور العلامات الكونية التي تحدّث عنها يسوع. فبدلاً من اعتقاد الكنيسة أننا لن نعرف أي مشقة أو ضيقة، ينبغي أن نعدّ قلوبنا لتحمّل الضيق والاضطهاد. فمثل العذارى العشر واضح تمامًا عندما يخبرنا أن العذارى الخمس الجاهلات لم يستطعن الدخول بعد إغلاق الباب. لم أسمع عن يسوع يهمس للعذارى الخمس الجاهلات طالبًا منهن العودة لاحقًا حيث سيسمح لهن بالدخول. لا يا أصدقائي الأعزاء، يخبرنا الكتاب المقدس أن الباب كان مغلقًا وأنه لم تتم الاستجابة لمناشدات العذارى الخمس الجاهلات بالدخول لاحقًا إلى عشاء العرس (متى الأصحاح 25: 10).

 

نرى أولئك الذين مرّوا بالضيقة العظيمة (الضيق، النسخة الدولية الجديدة NIV) يحصلون على فرصة لخدمة الله نهارًا وليلًا في هيكله، وأن الله يحلّ فوقهم (صورة الزواج، سفر راعوث الأصحاح 3: 9) ويمسح دموعهم (رؤيا يوحنا الأصحاح 7: 13-17). نطقت الملائكة بكلمة "آمين!" في الآية الحادية عشرة؛ وكلمة  آمين تعني "ليكن كذلك" أو "استجب".

 

كيف نقل هذا الجمع الغفير إلى السماء؟

 

يظن البعض أن مؤمني الجمع الغفير استشهدوا خلال الضيقة العظيمة أو زمن الضيق، لكن ينبغي دومًا أن ندع الكتاب المقدس يفسر نفسه. وكما قلنا، يذكر كل من إنجيل متى ومرقس صراحة أن الملائكة يجمعون هذا الجمع في السماء في ما يعرف اليوم بالاختطاف (متى الأصحاح 24: 29-31؛ مرقس الأصحاح 13: 24-27). أما كلمة الاختطاف، فهي كلمة نستخدمها لوصف الكنيسة الحقيقية، أولئك الذين ولدوا مجددًا من الله، حيث خطفوا إلى السماء. ولا ترد كلمة اختطاف نفسها في الكتاب المقدس. فأصل الكلمة الإنجليزية هي الكلمة اللاتينية  rapereالتي تعني سريع. وينحدر مصدر كلمةrapere  اللاتيني من الكلمة اليونانية الأصلية  harpazōالتي ترجمتها "المختطفون" في نسخة الكتاب المقدس الدولية الجديدة وإنجيل الملك جيمس (رسالة تسالونيكي الأولى الأصحاح 17:4). وتعنى كلمة harpazō اليونانية: "انتزع، سلب، خطف. استولى بالقوة أو سرق. فهو فعل صريح من أفعال العنف من أجل المصادرة... بغية خطف أو سلخ أو إبعاد أو اقتلاع أو إزالة عن طريق الانتزاع بسرعة وقوة"[2]. ستأتي الملائكة وتمسك بنا أو تخطفنا إلى السماء. دعونا ننظر عن كثب في هذا الحدث وفق جدول الله الزمني.

 

أولاً، دعونا ندرس معًا رسالة تسالونيكي الأولى الأصحاح 4: 13-18، وسنرى ما يقوله بولس الرسول عن الاختطاف أو الخطف:

 

13ثُمَّ لاَ أُرِيدُ أَنْ تَجْهَلُوا أَيُّهَا الإِخْوَةُ مِنْ جِهَةِ الرَّاقِدِينَ، لِكَيْ لاَ تَحْزَنُوا كَالْبَاقِينَ الَّذِينَ لاَ رَجَاءَ لَهُمْ.14لأَنَّهُ إِنْ كُنَّا نُؤْمِنُ أَنَّ يَسُوعَ مَاتَ وَقَامَ، فَكَذَلِكَ الرَّاقِدُونَ بِيَسُوعَ سَيُحْضِرُهُمُ اللهُ أَيْضاً مَعَهُ.15فَإِنَّنَا نَقُولُ لَكُمْ هَذَا بِكَلِمَةِ الرَّبِّ: إِنَّنَا نَحْنُ الأَحْيَاءَ الْبَاقِينَ إِلَى مَجِيءِ الرَّبِّ لاَ نَسْبِقُ الرَّاقِدِينَ.16لأَنَّ الرَّبَّ نَفْسَهُ سَوْفَ يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ بِهُتَافٍ، بِصَوْتِ رَئِيسِ مَلاَئِكَةٍ وَبُوقِ اللهِ، وَالأَمْوَاتُ فِي الْمَسِيحِ سَيَقُومُونَ أَوَّلاً.17ثُمَّ نَحْنُ الأَحْيَاءَ الْبَاقِينَ سَنُخْطَفُ جَمِيعاً مَعَهُمْ فِي السُّحُبِ لِمُلاَقَاةِ الرَّبِّ فِي الْهَوَاءِ، وَهَكَذَا نَكُونُ كُلَّ حِينٍ مَعَ الرَّبِّ.18لِذَلِكَ عَزُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضاً بِهَذَا الْكَلاَمِ (رسالة تسالونيكي الأولى الأصحاح 4: 13-18).

 

يذكر بولس الراقدين ثلاث مرات في المقطع أعلاه، فهو يتحدث عن المسيحيين الذين ماتوا. عندما يموت شخص يعرف الرب، قد يكون جسده موضوعًا في القبر، لكن الشخص، أي روحه أو روحها، يرتقي ليكون مع الرب. لذا، إلى حد ما، لا يموت الشخص أبدًا (يوحنا الأصحاح 11: 11-14) ويشار إليه على أنه "راقد". عندما ينزل المسيح من السماء، تخبرنا الآية 14 أنه سيحضر معه أرواح المؤمنين الراحلين الذين هم معه في السماء. ستقوم أجساد قيامتهم أولاً قبل خطف الأحياء الباقين على الأرض أيضًا لملاقاة الرب. أما عبارة خطف المذكورة في الآية 17، فهي الكلمة اليونانية، harpazō، التي اشتقّت منها كلمة "اختطاف".

 

كتب بولس الرسول إلى كنيسة كورنثوس: «فِي لَحْظَةٍ فِي طَرْفَةِ عَيْنٍ عِنْدَ الْبُوقِ الأَخِيرِ. فَإِنَّهُ سَيُبَوَّقُ فَيُقَامُ الأَمْوَاتُ عَدِيمِي فَسَادٍ وَنَحْنُ نَتَغَيَّرُ» (رسالة كورنثوس الأولى الأصحاح 15: 52).

 

كيف سنتغير عند الاختطاف؟

 

كما ذكرنا سابقًا، عند عودة المسيح عند الاختطاف، سيحضر الراقدون (الذين ماتوا في المسيح) مع الرب وستقوم أجسادهم من القبر لتتّحد مجددًا مع أرواحهم في الهواء.

 

28«لاَ تَتَعَجَّبُوا مِنْ هَذَا فَإِنَّهُ تَأْتِي سَاعَةٌ فِيهَا يَسْمَعُ جَمِيعُ الَّذِينَ فِي الْقُبُورِ صَوْتَهُ 29فَيَخْرُجُ الَّذِينَ فَعَلُوا الصَّالِحَاتِ إِلَى قِيَامَةِ الْحَيَاةِ وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَى قِيَامَةِ الدَّيْنُونَةِ» (يوحنا الأصحاح 5: 28-29).

 

يسمى هذا الحدث قيامة الموتى أو القيامة الأولى. فثمة قيامتان. ستحدث القيامة الأولى عند الاختطاف، حيث سيقوم أولاً الذين ماتوا في المسيح. أما الأحياء على الأرض، فسيقومون أيضًا لملاقاة الرب في الهواء بأجساد جديدة. وسيكون هذا الجسد جسدًا ممجدًا سنتحول إليه "في طرفة عين" (رسالة كورنثوس الأولى الأصحاح 15: 42)؛ طوبى للذين سيختبرون هذا الاختطاف أو هذه القيامة!

 

4وَرَأَيْتُ عُرُوشاً فَجَلَسُوا عَلَيْهَا، وَأُعْطُوا حُكْماً. وَرَأَيْتُ نُفُوسَ الَّذِينَ قُتِلُوا مِنْ أَجْلِ شَهَادَةِ يَسُوعَ وَمِنْ أَجْلِ كَلِمَةِ اللهِ. وَالَّذِينَ لَمْ يَسْجُدُوا لِلْوَحْشِ وَلاَ لِصُورَتِهِ، وَلَمْ يَقْبَلُوا السِّمَةَ عَلَى جِبَاهِهِمْ وَعَلَى أَيْدِيهِمْ، فَعَاشُوا وَمَلَكُوا مَعَ الْمَسِيحِ أَلْفَ سَنَةٍ. 5وَأَمَّا بَقِيَّةُ الأَمْوَاتِ فَلَمْ تَعِشْ حَتَّى تَتِمَّ الأَلْفُ السَّنَةِ. هَذِهِ هِيَ الْقِيَامَةُ الأُولَى (رؤيا يوحنا الأصحاح 20: 4-5).

 

أما القيامة الثانية، فهي دينونة أولئك الذين يرفضون عرض الله بالحصول على الغفران المطلق من خلال يسوع، وستحدث بعد أن يملك المسيح ألف سنة على عرش الدينونة العظيم الأبيض (رؤيا يوحنا الأصحاح 20: 7-12). وكتب دانيال النبي أيضًا عن قيامة الموتى:

 

1«وَفِي ذَلِكَ الْوَقْتِ يَقُومُ مِيخَائِيلُ الرَّئِيسُ الْعَظِيمُ الْقَائِمُ لِبَنِي شَعْبِكَ وَيَكُونُ زَمَانُ ضِيقٍ لَمْ يَكُنْ مُنْذُ كَانَتْ أُمَّةٌ إِلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ. وَفِي ذَلِكَ الْوَقْتِ يُنَجَّى شَعْبُكَ كُلُّ مَنْ يُوجَدُ مَكْتُوباً فِي السِّفْرِ. 2وَكَثِيرُونَ مِنَ الرَّاقِدِينَ فِي تُرَابِ الأَرْضِ يَسْتَيْقِظُونَ هَؤُلاَءِ إِلَى الْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ وَهَؤُلاَءِ إِلَى الْعَارِ لِلاِزْدِرَاءِ الأَبَدِيِّ. 3وَالْفَاهِمُونَ يَضِيئُونَ كَضِيَاءِ الْجَلَدِ وَالَّذِينَ رَدُّوا كَثِيرِينَ إِلَى الْبِرِّ كَالْكَوَاكِبِ إِلَى أَبَدِ الدُّهُورِ.4أَمَّا أَنْتَ يَا دَانِيآلُ فَأَخْفِ الْكَلاَمَ وَاخْتِمِ السِّفْرَ إِلَى وَقْتِ النِّهَايَةِ. كَثِيرُونَ يَتَصَفَّحُونَهُ وَالْمَعْرِفَةُ تَزْدَادُ» (سفر دانيال الأصحاح 12: 1-4).

 

في القيامة الأولى أو الاختطاف، يلبس القديسون جسد القيامة الشبيه بجسد قيامة المسيح. سيكون ثمة استمرارية من حيث أننا سنكون مميزين، لكننا نتحدث عن جسد غير فاسد، أي جسد القيامة بحيث يشع منا مجد الله. يذكر بولس أننا لن نختبر جميعًا الموت، لكن المؤمنين جميعهم سيتغيرون:

 

49وَكَمَا لَبِسْنَا صُورَةَ التُّرَابِيِّ سَنَلْبَسُ أَيْضاً صُورَةَ السَّمَاوِيِّ.50فَأَقُولُ هَذَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ: إِنَّ لَحْماً وَدَماً لاَ يَقْدِرَانِ أَنْ يَرِثَا مَلَكُوتَ اللهِ وَلاَ يَرِثُ الْفَسَادُ عَدَمَ الْفَسَادِ.51هُوَذَا سِرٌّ أَقُولُهُ لَكُمْ: لاَ نَرْقُدُ كُلُّنَا وَلَكِنَّنَا كُلَّنَا نَتَغَيَّرُ 52فِي لَحْظَةٍ فِي طَرْفَةِ عَيْنٍ عِنْدَ الْبُوقِ الأَخِيرِ. فَإِنَّهُ سَيُبَوَّقُ فَيُقَامُ الأَمْوَاتُ عَدِيمِي فَسَادٍ وَنَحْنُ نَتَغَيَّرُ.53لأَنَّ هَذَا الْفَاسِدَ لاَ بُدَّ أَنْ يَلْبَسَ عَدَمَ فَسَادٍ وَهَذَا الْمَائِتَ يَلْبَسُ عَدَمَ مَوْتٍ (رسالة كورنثوس الأولى الأصحاح 15: 49-53).

 

ما الجمل التي تلفت انتباهكم في هذا المقطع؟ في رأيكم، ماذا يعني أن يكون لديكم جسد خالد؟ (رسالة كورنثوس الأولى الأصحاح 15: 42).

 

يومًا ما، سيظهر ما في داخلكم، أي شخصيتكم الإلهية. ولن تكون شبيهة بطبيعتنا القديمة. يقول بولس إن اللحم والدم لا يقدران أن يرثا ملكوت الله (الآية 50). ولن يكون فاسدًا بعد الآن بل سيصبح عديم الفساد (الآية 53). لن نرقد جميعًا، أي أنه لن ينفصل المسيحيون جميعهم عن أجسادهم. فسيتحول بعضهم على الفور من دون المرور بمرحلة الموت. وعند مجيء المسيح، في لحظة، في طرفة عين، أو الوقت المستغرق لطرف العينين، سوف نتغير بأن نخلع عنا جسدنا الفاسد ونلبس جسدًا غير فاسد (الآيتان 51-52). يتحدث بولس عن هذا التغيير في رسالته إلى كنيسة فيلبي:

 

20فَإِنَّ سِيرَتَنَا نَحْنُ هِيَ فِي السَّمَاوَاتِ، الَّتِي مِنْهَا أَيْضاً نَنْتَظِرُ مُخَلِّصاً هُوَ الرَّبُّ يَسُوعُ الْمَسِيحُ،21الَّذِي سَيُغَيِّرُ شَكْلَ جَسَدِ تَوَاضُعِنَا لِيَكُونَ عَلَى صُورَةِ جَسَدِ مَجْدِهِ (رسالة فيلبي الأصحاح 3: 20-21 – التوكيد من قبل الكاتب).

 

فهذه الكلمة اليونانية المترجمة إلى كلمة تغيير في الإنجليزية (الآية 21) هي كلمة Metaschēmatizō، وهي كناية عن كلمة مركبة من كلمتين يونانيتين هما Meta، التي تعني تغيير المكان أو الظرف، وكلمةschēma ، التي تعني الشكل أو الشكل الخارجي، أي ما معناه تحويل أو تغيير الشكل الخارجي أو مظهر شيء ما، أو التجديد أو إعادة التشكيل.[3]

 

التمتع بجسد غير فاسد يعني أننا لن نشيخ ولن نمرض. ستكون أجسادنا الجديدة ممجدة طوال الوقت. ستتمتعون دومًا بقوة الشباب وتتألقون جمالاً بمجد الله الذي يشع منكم. وكما عبَر يسوع الجدران ودخل العلية عندما كانت الأبواب مغلقة خوفًا من اليهود (يوحنا الأصحاح 20: 19)، سنعبر نحن أيضًا الجدران ونسافر على الفور غير مقيّدين بالعالم المادي.

 

كتب بولس أن جسدنا الجديد سيكون بحسب صورة مجد المسيح (رسالة فيلبي الأصحاح 3: 21). سيكون هذا الإشراق الذي يرافقنا سلطويًا وجميلاً على حد سواء. قال يسوع « يُضِيءُ الأَبْرَارُ كَالشَّمْسِ فِي مَلَكُوتِ أَبِيهِمْ» (متى الأصحاح 13: 43 - التوكيد من قبل الكاتب). سيحظى الذين ينتمون إلى المسيح باحترام نابع من الحكمة السماوية. سيسود اللطف والفرح اللذان سيكونان من نصيبنا. وسيكون الجسد جسدًا قويًا (رسالة كورنثوس الأولى الأصحاح 43:15). ولا أظن أن ذلك يشير إلى القوة فحسب، على الرغم من أن القوة ستكون جزءًا من الجسد. سيكون ثمة قوة وسلطة، لأننا سنكون مثله عندما نراه كما هو (رسالة يوحنا الأولى الأصحاح 3: 2). ستقوم أجسادنا وسنعاين وجه يسوع ونتحوّل إلى صورته. يا له من يوم جميل!

 

صلاة: أبانا، نشكرك على نعمتك الرائعة ورحمتك في إرسال ابنك، الرب يسوع، ليدفع ثمن خطيئتنا ويشترينا من براثن الشيطان. نتوق إلى اليوم الذي سنقف فيه أمامك كجمع غفير من كل أمة وقبيلة وشعب ولسان. هللويا! هلمَّ يا ربنا يسوع!

 

كيث توماس

 

البريد الإلكتروني: keiththomas@groupbiblestudy.com

 

الموقع الإلكتروني:  www.groupbiblestudy.com

 

أخذت الاقتباسات الكتابية كلها، ما لم يذكر خلاف ذلك، من الكتاب المقدس، النسخة الدولية الجديدة، حقوق النشر Ó 1973، 1978، 1984 لدار نشر Biblica, Inc.Ô . استخدم بإذن من Zondervan. جميع الحقوق محفوظة في مختلف أنحاء العالم.

 

 

 

[2]  إنجيلKey Word Study Bible ، دار نشر AMG، ص. 773 Harpazō.

[3]  إنجيلKey Word Study Bible ، دار نشر AMG، ص. 1651.

bottom of page