top of page

لمشاهدة المزيد من دراسات الكتاب المقدس باللغة العربية ، انقر هنا.

6. Preparing for Eternal Life

6. التحضير للحياة الأبدية

 

سؤال للتفكير: هل تعاقبت يومًا خلال نشأتك على أمرٍ لم تقترفه، وكان ذلك غير عادلٍ بالنسبة لك؟

 

كانت طفولتي صعبة إذ فقدت والدتي في سن الخامسة وتزوّج والدي ثانيةً وكانت زوجته تقسو عليّ وعلى أخي في أحيانٍ كثيرة. وكنت أشعر أننا نُعَاقب من غير إنصاف، بالرغم أننا كنا نستحق العقاب في أوقات كثيرة. لكن قضية الإنصاف والعدل تهمّ الأولاد جدًّا. كنت في الصف الرابع وكان لي من العمر عشر أو إحدى عشر سنة أنّي كنت الصبيّ الوحيد الذي يرتدي سروالاً قصيرًا. وكان منظري مضحكًا في السروال القصير الرمادي وركبتاي البشعتين. وكنت قد كبرت على لبسه إلاّ أن زوجة والدي رفضت أن تشتري لي سروالاً طويلاً بحجّة أن القماش حول الركب يهترىء معي بسرعة فكنت ألبس الشورت حتى في فصل الشتاء. ولم يكن أيُّ صبي من عمري يلبس الشورت القصير وكان الجميع يستهزئون بي. (يكون فصل الشتاء قارسًا جدًّا في إنكلترا). وكنت أنظر إلى هذه المسألة على أنّها غير عادلة البتّة خاصة في هذا العمر. وبعد أن قاسيت لعدّة أشهر، طفح بي الكيل فسرقت مالاً من جيب سروال والدي واشتريت سروالاً طويلاً وقرّرت أن أبدِّل الشورت بالسروال كل يوم في طريقي إلى المدرسة لذلك خبّأته في أحد الأكواخ على الشاطىء (كنّا نعيش بالقرب من الشاطىء على الساحل الشرقي لإنكلترا). فكنت في كلِّ صباح وعلى مرِّ بضعة أيّام أمرّ على ذلك الكوخ وأبدّل السروال القصير بالسروال الطويل، وأفعل العكس عند رجوعي إلى البيت. إلى أن رجعت يومًا ولم أجد السروال القصير، فعلمت أني سأنال عقابًا صارمًا عندما أرجع إلى البيت. وهكذا حصل فكنت أتلقى الصفعة تلو الأخرى بينما أحاول تبرير فعلتي تلك. كنت أعلم أنّه لا يحقّ لنا أن نسرق الأموال أو نكذب، لكني كنت مصرًّا على أنّه لم يكن من العدل أن يلبس الجميع سراويل طويلة باستثنائي أنا. ومحاولتي بالحصول على العدل باءت بالفشل!

 

لا بدّ أنّنا جميعنا مررنا بأوقات شعرنا بها أنّ المعاملة التي نتلقَّاها غير عادلة، أو القصاص الذي أُنزِل بنا غير عادل أو أنّه أُسيء فهمنا. وفي أحيان كثيرة لا نرى العدل في حياتنا أو حياة الآخرين، وغالبًا ما نتساءل لماذا تحصل لنا الأمور السيّئة. كم مرّة سمعت أحدهم يسأل:"لماذا تحدث الأمور السيّئة للناس الصالحين؟" تصعب الإجابة على هذا السؤال، لكن الحق يُقال أننا نعيش في عالمٍ ملتوٍ مع أناسٍ ملتوين ليس بمقدورهم أن يكونوا كاملين في حكمهم، لكننا نعرف من يستطيع أن يكون كاملاً في حكمه؛ الله الآب يعرف قلب كلّ واحد منا وهو يعرف تمام المعرفة كل المواقف والدوافع وراء كل عمل نقوم به، لذلك هو قادر أن يصدر حكمًا كاملا وهو الوحيد الذي يستطيع أن يقدّم العدل الكامل للعالم. عندما نسمع كلمة "دينونة" نرتجف في دواخلنا، إلاّ أن الله يقدّم العدل والرحمة في آنٍ معًا عندما يدين. في العهد القديم، تكلّم شعب الله عن دينونته بطريقة إيجابية وعلموا أنّه يدين الظالمين ويحمي الضعفاء. مثلاً:

 

"لأَنَّ الرَّبَّ يَدِينُ شَعْبَهُ، وَعَلَى عَبِيدِهِ يُشْفِقُ. حِينَ يَرَى أَنَّ الْيَدَ قَدْ مَضَتْ، وَلَمْ يَبْقَ مَحْجُوزٌ وَلاَ مُطْلَقٌ" (تثنية 36:32)

 

ما يعنيه هذا المقطع هو أنّ الله يقف بجانب شعبه وهو يتعاطف معنا حين يرى أنه لم يعد لدينا القوّة لمحاربة أعدائنا. فيكون الرب نفسه قوّتنا حين تفرغ مؤونتنا وتُنهك قِوانا ويبقى هو وحده ثقتنا. إنّه يريد أن يحارب حروبنا تمامًا كما فعل مع الملك يهوشافاط عندما واجهه جيش كبير من موآب وعمّون. صلّى يهوشافاط: "يا إِلهَنَا أَمَا تَقْضِي عَلَيْهِمْ، لأَنَّهُ لَيْسَ فِينَا قُوَّةٌ أَمَامَ هذَا الْجُمْهُورِ الْكَثِيرِ الآتِي عَلَيْنَا، وَنَحْنُ لاَ نَعْلَمُ مَاذَا نَعْمَلُ وَلكِنْ نَحْوَكَ أَعْيُنُنَا." (2أخبار الأيام 12:20). وبالفعل، تدخّل الله ورُبحت المعركة الكبيرة من دون أن يتأذّى أيٌّ من شعب الله.

 

إننا نخسر جمال دينونة الله إن كنّا لا نعرف شخصية الله أو لا نثق في صلاحه. وتطال هذه الدراسة كيفية الإستعداد للموت وللدينونة وكيف يؤثّران على كلِّ واحدٍ منّا. ربما لا نريد أن نفكّر بذلك الوقت، لكن الكتاب المقدّس يخبرنا أننا جميعًا سنعطي حسابًا عند نهاية حياتنا حين يقرّر الله أن وقتنا قد حضر. وقبل أن نتناول موضوع الدينونة، دعونا نفكّر في نوعية الإستعداد الذي يجب أن نقوم به قبل الموت والدينونة.

 

الإستعداد للموت

استعرضنا في الدرس السابق ماذا يختبر الإنسان عند الموت، الموضوع الذي يتجنّبه معظم الناس. وقد أصاب ج. كربي أندرسون حين قال: "الموت أمر عالميّ وهو أكثر الأمور الإنسانية ديمقراصية. إنّه يطال الناس في كلِّ زمان من دون تفريق بالنسبة للعمر والمركز الإجتماعي والمعتقدات واللون."1 يحصد الموت نسبة نجاح 100% لكن ترفض أغلبية الناس التحدّث أو التفكير به. وكثيرًا ما يُستشهد بجملة وودي ألن الشهيرة: "أنا لا أخاف من الموت، لكني لا أريد أن أكون موجودًا عندما يأتي." لكن، بالرغم من تجنّبه إلا أنّ الموت لا يختفي وعلينا جميعًا أن نواجهه من دون استثناء.لا يهم كم تملك من المال، أو أي نوع من التأمين لديك؛ إنها مجرّد مسألة وقت. ولا أحد منّا يعرف كم باقٍ من الوقت له. واللافت للنظر أنّه بالرغم من أننا لا نستطيع الهروب منه إلا أن كثيرين يحاولون الكثير لعدم التفكير به، والقليل للتحضير له. كتبت إحدى الصحف الأميركية the Boston Globe مؤخّرا مقالة عدّدت فيها أسماء بعض المشاهير الذين توفّوا في تلك السنة والذين كما قال الكاتب إنّهم انضموا إلى "الأغلبية العظمى." يمكننا القول أنّ الموت هو أثبت حقيقة والذين ماتوا هم الأغلبية العظمى.

 

عندما كنا نسكن في انكلترا اصطحبت أنا وزوجتي أهلها في رحلة إلى اسكوتلندا. ومع هبوط الظلام في يوم من الأيام كان علينا البحث عن فندق يقع في مسارنا. مررنا بالقرب من بوابة حديدية سوداء قديمة تحمل يافطة كُتب عليها black barony hotel. ولم يتبيّن لنا البناء من خارج البوّابة لذا قررنا الدخول واستكشاف المكان. وبسبب الظلام والبوابة الحديدية القديمة بدأنا نمازح بعضنا البعض قائلين إنّه ربما نحن داخلون إلى برج الرعب أو قصر مسكون. وحين دخلنا رأينا قصرًا كبيرًا ولم نرَ أيّة سيّارة في الموقف. وعندما ترجّلّنا من السيّارة تقدّم منّا رجل أحدب بعدما خرج من الباب الذي كُتِب عليه بخطٍّ كبير كلمات من الكتاب المقدّس: إستعدّ للقاء إلهك، عاموس 12:4 . والغريب في الأمر أنّنا كنا نزلاء الفندق الوحيدين في تلك الليلة بينما غرفه الخمسة والسبعون بقيت شاغرة. وقد اتضح لنا أنّ حجزًا لمجموعة كبيرة أُلغي في الدقائق الأخيرة. نمنا ساندي وأنا في تلك الليلة في سرير يحوي على أربعة أعمدة كان قد نام فيه الملك جايمس الذي يُذكر اسمه كصاحب احدى طبعات الكتاب المقدّس في اللغة الإنكليزية. وعلمنا لاحقًا أنّ الآية المكتوبة على الباب كانت موجّهة للجنود الذين كانوا ينزلون في هذا الفندق بينما كانوا يتلقّون التدريب على الحرب كي يكونوا مستعدّين لمواجهة الأبدية في حال خسروا حياتهم في المعركة. فمن الجيّد أن تستعدّ منذ الآن لمقابلة الله في ذلك اليوم.

 

كُتِب على شاهد أحد القبور: "قف عندما تمرّ من هنا فكما أنت الآن كنت أنا، وكما أنا الآن سوف تصبح على الأكيد، فهيىء نفسك للّحاق بي." وكتب أحدهم تحت هذه الجملة: "لا أريد اللحاق بك ما لم أعرف الطريق الذي سلكته." لقد أصاب في قوله هذا إذ من الضروري أن نعرف أين نذهب بعد الموت وعندما نتوجّه في الإتجاه الصحيح علينا بتحضير أنفسنا لما بعد الموت.

 

تتم عملية التحضير لما بعد الموت فقط خلال وجودنا على هذه الأرض فنحن نتخرّج للأبديّة بالشخصية التي نملك عند الموت. وأعتقد أنّ "المركز" أو "الرتبة" التي نحصل عليها في السماء تعتمد على مدى كوننا خدّامًا للمسيح على الأرض. تعتمد مكافأتك في السماء على مدى انطباع شخصية المسيح في حياتك على الأرض. وكلمة "شخصية" استُخدِمت أولاً في حفر الأحرف على ورق الطباعة. ويسعى الله لكي يحفر طبيعة وشخصية المسيح في أعماق روحك فيستطيع الآخرون أن يروه فيك.

 

في الدرس السابق، ألقينا نظرة على الآية الموجودة في 1تسالونيكي23:5 والتي تقول بأنّ الإنسان مكوّن من جسد ونفس وروح. عند الموت، تفارق النفس والروح الجسد. وقد استخدمنا التشبيه في استخدام السيارة؛ فإنها تبقى "نائمة" بالنسبة للعالم إن لم أركبها وأشغِّلها. وعندما يأتي المسيح، سيُقام الجسد ويصبح ممجّدًا (1كورنثوس 42:15-44). والسؤال الذي يطرح نفسه ماذا يعني الكتاب المقدّس بالروح والنفس؟ وما الفرق بينهما؟ يعتقد معظم معلِّمي الكتاب المقدّس أنّ النفس مكوّنة من العقل والإرادة والعواطف، بينما الروح هو الجزء الذي يصلنا بالله. فنقرأ مثلاً في سفر التكوين أنّ آدم وحوّاء حُذِّرا من أن يأكلا من شجرة معرفة الخير والشرّ: "وَأَمَّا شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ فَلاَ تَأْكُلْ مِنْهَا، لأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتًا تَمُوتُ" (تكوين 17:2). وعندما أكلا من الثمرة، لم يموتا جسديًّا، لكن تغيّر أمرٌ ما في داخلهما إذ "ماتت روحهما" بعد أن انفصلا عن الله بسبب الخطيّة (أفسس1:2،5). وبالطبع، بدأت أجسادهما تشيخ أيضًا ممّا يعني أن الخطيّة لم تؤثّر على روحهما فقط. وقبل أن يسقطا في الخطيّة كان آدم ذا عقلٍ رائعٍ وخلاّقٍ وهو أطلق أسماء على كلِّ وحوش البرّية وطيور السماء التي خلقها الله (تكوين 19:2-20). أعتقد أنّه عندما نحصل على أجسادنا الممجّدة سوف تسترجع قدرة الذهن التي كانت لآدم في جنّة عدن. والنتيجة المباشرة لسقوط الإنسان كانت أن آدم وحوّاء اختبأا من الرب عند زيارته لهما (تكوين 8:3). لماذا؟ لأنّ الخطيّة تجعل فاصلاً بين الله والإنسان وهي الحالة التي يدعوها الله "الموت". وعندما نأتي إلى المسيح تتجدَّد أرواحنا وتُقام من الموت أي "الإنفصال عن الله". والله يريد أن يجدّد ويغيّر أذهاننا وإراداتنا وعواطفنا بينما نتأمّل في كلمته ونطيع روحه. وقد أصاب الملك داود حين كتب في مزمور الراعي: "يردُّ نفسي." (مزمور 3:23). وكتب بطرس الرسول في رسالته الأولى: "نَائِلِينَ غَايَةَ إِيمَانِكُمْ خَلاَصَ النُّفُوسِ. (خلاص نفوسكم)" (1بطرس 9:1). على أذهاننا وإراداتنا وعواطفنا أن تخضع لسلطان وقيادة روح الله. والشخصية هي هدفنا إذ أننا سنكافأ بمقدار ما نطبع شخصية المسيح في حياتنا.

 

عرّف موقع dictionary.com كلمة "الشخصية" بالتالي: "مجموع الخصائص والمميّزات التي تشكّل طبيعة الإنسان أو الشيء." فنحن مخلوقات تتغيّر كل يوم في النفس والروح من خلال كل تجربة نمرّ بها. وكلّ شيء في الحياة هو امتحان لشخصياتنا، كما أنّ شخصيّة الإنسان تُقاس بدقّة من خلال ردّات فعله لمصائب الحياة. أما الصيت فهو ليس الشخصية بل هو ما يظن الناس أنك أنت. بينما الشخصية هي ماذا يعرف الله عنك. إن كنّا نتجاوب بالطاعة لروح المسيح في كل وضع نمرّ به، فإننا نتشكّل أكثر وأكثر إلى شبه المسيح. وإن كنت مؤمنًا بالمسيح فإنّك مختار من الله لتشابه المسيح.

 

" وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللهَ، الَّذِينَ هُمْ مَدْعُوُّونَ حَسَبَ قَصْدِه لأَنَّ الَّذِينَ سَبَقَ فَعَرَفَهُمْ سَبَقَ فَعَيَّنَهُمْ لِيَكُونُوا مُشَابِهِينَ صُورَةَ ابْنِهِ، لِيَكُونَ هُوَ بِكْرًا بَيْنَ إِخْوَةٍ كَثِيرِينَ." (رومية 28:8-29)

 

ما هي بعض الظروف التي استخدمها الله في حياتك ليشكّل شخصيتك فتتهيء للأبديّة؟

 

لقد سبق الله فعرفك وعيّنك لتصبح مشابهًا صورة ابنه. يمكننا قراءة هذا المقطع من دون أن نفكّر بماذا يريد الروح أن يعلّمنا. ولا يمكننا لوم الله بالنسبة للأمور السيئة التي حدثت في حياتنا لأن بعضها حدث بسبب خياراتنا. وهو يقول إنّه سيستخدم كل حالة نمرّ بها في حياتنا لخيرنا إن كنّا منفتحين لتعليمه ولقيادة روحه. والأمر الجميل هو أنّ الله رأى النهاية منذ البداية، وقد وضعنا في قلبه من قبل تأسيس العالم. لقد عرفك وعيّنك وشكّلك لتصبح مشابهًا لابنه. "رَأَتْ عَيْنَاكَ أَعْضَائِي، وَفِي سِفْرِكَ كُلُّهَا كُتِبَتْ يَوْمَ تَصَوَّرَتْ، إِذْ لَمْ يَكُنْ وَاحِدٌ مِنْهَا."(مزمور 16:139) وترد هذه الآية في ترجمة أخرى كالتالي: "ككتاب مفتوح رأيتني أتكوّن وأكبر. كل مراحل حياتي مفروشة أمامك. وكل أيّام حياتي أُعِدّت من قبل أن أولد." عمل الله في هذا العالم هو أن يهيئك للأبدية.

 

"إن الشخصية على الأرض ستبرهن عن كونها ممتلك أبدي في العالم الآتي." (ج.س.رايل). إن كنت تريد أن تكون عظيمًا في نظر الله، انظر كيف تتجاوب مع الأزمات التي تعترضك. هل أنت مهيّأ وجاهز لملاقاة الله؟ وكم ستعكس من شخصيته في ذلك اليوم؟

منذ عدّة سنوات قرأت الكتاب الرائج "العادات السبع للناس المؤثّرين جدًا للكاتب ستيفن كوفي. وإحدى أهم العادات التي ذكرها الكاتب هي أن تبدأ واضعًا الهدف نصب عينيك. كيف تريد أن تكون نتيجة حياتك؟ إن كنت تريد أن تكون مؤثّرًا بالإيجاب في حياتك فيجدر بك أن تتوقّف وتسأل نفسك ما الفرق الذي تصنعه في حياتك؟ وهل هو آنيٌّ أم أبديٌّ؟ هل تسعى لمكافآت وقتية أو أبدية مقابل مهاراتك ووقتك وطاقتك ومالك؟

 

ماذا تظن أنه يمكنك أن تأخذ معك إلى السماء؟

 

إني متأكّد أنها ليست لائحة طويلة، لكن يخطر في بالي ثلاثة أمور:

1. الآخرين الذين ساعدناهم خلال حياتنا

2. الأمور التي تعلّمناها مثلاً: كلمة الله التي انحفرت في قلوبنا

3. شخصية المسيح المطبوعة في أرواحنا.

ولن نُعطى فرصة لنعود ونحصل على المزيد من هذه الأمور. فليس هناك ما يُسمى بإعادة التجسّد للمحاولة مرّة أخرى. والكتاب واضح بأننا نحيا حياة واحدة فقط:

"وُضِعَ لِلنَّاسِ أَنْ يَمُوتُوا مَرَّةً ثُمَّ بَعْدَ ذلِكَ الدَّيْنُونَةُ" (عبرانيين 27:9).

 

كيف ستشعر إن كان المسيح يلاقيك غدًا ويقول لك إنك ستذهب إلى السماء؟ هل من أمور تريد القيام بها وتحتاج لمزيد من الوقت؟

 

ماذا يحدث عندما تطأ أقدامنا عتبة الموت؟

يُغلق باب حياتنا بعد الموت أو عند مجيء المسيح (2صموئيل23:12). وبالنسبة للكتاب المقدّس ليس هناك ما يُسمّى بإعادة التجسّد، بل إننا نحيا حياة واحدة. ولا أجد أي مقطع آخر في الكتاب المقدّس الذي يسبّب لي الحزن كالمقطع التالي:

 

" فَقَالَ لَهُ وَاحِدٌيَا سَيِّدُ، أَقَلِيلٌ هُمُ الَّذِينَ يَخْلُصُونَ؟» فَقَالَ لَهُمُ: «اجْتَهِدُوا أَنْ تَدْخُلُوا مِنَ الْبَابِ الضَّيِّقِ، فَإِنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كَثِيرِينَ سَيَطْلُبُونَ أَنْ يَدْخُلُوا وَلاَ يَقْدِرُونَ مِنْ بَعْدِ مَا يَكُونُ رَبُّ الْبَيْتِ قَدْ قَامَ وَأَغْلَقَ الْبَابَ، وَابْتَدَأْتُمْ تَقِفُونَ خَارِجًا وَتَقْرَعُونَ الْبَابَ قَائِلِينَ: يَارَبُّ، يَارَبُّ! افْتَحْ لَنَا. يُجِيبُ، وَيَقُولُ لَكُمْ: لاَ أَعْرِفُكُمْ مِنْ أَيْنَ أَنْتُمْ! حِينَئِذٍ تَبْتَدِئُونَ تَقُولُونَ: أَكَلْنَا قُدَّامَكَ وَشَرِبْنَا، وَعَلَّمْتَ فِي شَوَارِعِنَا! فَيَقُولُ: أَقُولُ لَكُمْ: لاَأَعْرِفُكُمْ مِنْ أَيْنَ أَنْتُمْ، تَبَاعَدُوا عَنِّي يَا جَمِيعَ فَاعِلِي الظُّلْمِ! وَيَأْتُونَ مِنَ الْمَشَارِقِ وَمِنَ الْمَغَارِبِ وَمِنَ الشِّمَالِ وَالْجَنُوبِ، وَيَتَّكِئُونَ فِي مَلَكُوتِ اللهِ. وَهُوَذَا آخِرُونَ يَكُونُونَ أَوَّلِينَ، وَأَوَّلُونَ يَكُونُونَ آخِرِينَ»." (لوقا 23:13-30).

 

ماذا برأيك يعني يسوع عندما يقول: "لا أعرفكم. من أين أنتم؟"

ماذا تشعر حين تقرأ هذا المقطع؟

 

الأمر الأوّل الذي ألاحظه هو أنّ الباب أُغلِق. أشعر بالأسى على الذين سوف يأتون إلى باب المسيح متوقّعين الدخول، لكنهم سوف يجدون أنّه قد أُغلق. وأفكّر بالمسلمين المتديّنين الذين يعتقدون أنّهم سائرون مع الله إلاّ أنّهم إنجرّوا لقتل أناسٍ أبرياء إرضاءً لمطامع سادتهم السياسية الذين هم أنفسهم غارقون في الظلام. عميان يقودون عميان!

 

وكم من المحزن أن ترى رجالاً ونساءً واظبوا على الذهاب إلى الكنيسة طوال حياتهم، وقد استنشقوا طعم التديّن لكن لم يختبروا ما هو صحيح وما هي العلاقة الشخصية مع الله. يقول لهم يسوع:"لاَأَعْرِفُكُمْ مِنْ أَيْنَ أَنْتُمْ" (ع 25). كم هو مأساوي هذا الأمر! فهل من الممكن أن تصرف عمرك تقوم بما تؤمن أنّه سوف يبرِّرُك لتجد في النهاية أنّه ذهب الكل سدىً؟ لكن، هذا ما يقوله يسوع إذ يعتقد البعض أنّهم سيكونون على ما يرام في يوم الدينونة لأنّهم قاموا بالأعمال الحسنة والصدقات وهذا ما يؤمّن لهم مكانًا في السماء. ويعتقد البعض أنّ الله يأخذ بعين الإعتبار أعمالهم الحسنة ويزينها مقابل السيّئات؛ فإنا فاقت الحسنات السيّئات ينجَون. كم يحبّ العدوّ أن يخدع الناس! وإن كان هذا الأمر صحيحًا، ما المقياس في الوزن؟ وهل من "حدّ فاصل" يميّز بين تلك الأعمال بمقياس مدى جودتها ونبلها؟ إن كنت تعتقد أن بإمكانك الدخول إلى السماء بمجرّد أن تفعل الصلاح فأنت للأسف مخدوع، والمحزن أنه ليس بإمكانك التقدّم للإمتحان من جديد إذ سيكون الباب قد أُغلق والأوان قد فات. سيقرع كثيرون الباب باكين، لكنه سيكون مغلقًا ولن يُفتح من جديد (متى 10:25-12). إنّنا نحيا حياة واحدة، ولهذا نقرأ في العدد 24 " اجْتَهِدُوا أَنْ تَدْخُلُوا..." إن كنت غير متأكدٍ أنّك ابن لله، لا يتركك الكتاب المقدّس في الظلام إذ كتب يوحنا الرسول:

كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ أَنَّ يَسُوعَ هُوَ الْمَسِيحُ فَقَدْ وُلِدَ مِنَ اللهِ. وَكُلُّ مَنْ يُحِبُّ الْوَالِدَ يُحِبُّ الْمَوْلُودَ مِنْهُ أَيْضًا. بِهذَا نَعْرِفُ أَنَّنَا نُحِبُّ أَوْلاَدَ اللهِ: إِذَا أَحْبَبْنَا اللهَ وَحَفِظْنَا وَصَايَاهُ." (1يوحنا 1:5-2)

 

إننا نظهر محبتنا لله بحفظنا وصاياه، وطاعتنا هي نتيجة لهذه المحبّة. من الممكن أن يقوم أحدهم بالأعمال الصالحة بدوافع خاطئة ومن دون معرفة الله. وكتب بولس الرسول لأهل كورنثوس:

"وَإِنْ أَطْعَمْتُ كُلَّ أَمْوَالِي، وَإِنْ سَلَّمْتُ جَسَدِي حَتَّى أَحْتَرِقَ، وَلكِنْ لَيْسَ لِي مَحَبَّةٌ، فَلاَ أَنْتَفِعُ شَيْئًا." (1كورنثوس 3:13).

 

هل بإمكانك تصوّر تضحية أكبر من هذه؟ لكننا نقرأ أنّ بالإمكان القيام بها من دون دافع المحبّة وسيكون بلا قيمة. كيف يمكن لأحدهم أن يضحّي بهذا الشكل من دون محبّة؟ نقرأ عن ذلك في الصحف اليومية حيث يقوم أحدهم بأعمال إرهابية من أجل معتقدات سياسية خاطئة. وقد كتب يوحنا الرسول:

"بِهذَا تَكَمَّلَتِ الْمَحَبَّةُ فِينَا: أَنْ يَكُونَ لَنَا ثِقَةٌ فِي يَوْمِ الدِّينِ، لأَنَّهُ كَمَا هُوَ فِي هذَا الْعَالَمِ، هكَذَا نَحْنُ أَيْضًا." (1يوحنا17:4).

 

إن كنت غير متأكد أنك ابنًا لله، أشجّعك أن تأخذ بالإعتبار دعوة المسيح وتقبلها. يقول الكتاب المقدّس إنّ باكين كثيرين سيحاولون الدخول من الباب المغلق دون جدوى. هناك باب واحد وهو ضيّق. والمسيح هو الباب (يوحنا 7:10). ولا طريق آخر للخلاص سوى اللجوء إلى المسيح (أعمال الرسل 12:4).

 

ماذا يعني أن يكون الأوّلون آخرين والآخرون أوّلين؟ (لوقا30:13)

 

أفسّر هذا الأمر بأن كثيرين سيتفاجأون. فهناك من نظن أنّهم نساء ورجال لله عظماء بسبب شهرتهم، لكن شهرة الإنسان على الأرض لا تضمن أنه سيكون عظيمًا في السماء، فجميعهم سيرون الشخصية التي تمثّل المسيح بحقٍّ. إنّي أؤمن أننا سنتفاجأ. سنرى ثمر تعبنا ـــــــــ الناس الذين قدّمنا المسيح لهم أو قدّمنا لهم كأس ماء. سيفاجئونا بوجودهم هناك وربما سيكونون أقرب ليسوع ممّا نحن. غالبًا ما نتساءل عن وضع هذا أو ذاك الإنسان إذ كل ما نعرفه أنه لم يتجاوب مع رسالة الإنجيل، لكن كيف عسانا أن نعرف ماذا قرّر الإنسان في قلبه؟ إن كان إنسان ما يتوق لله في أعماق قلبه لكن لم تتسنَّ له الفرصة لسماع بشارة الإنجيل، ألا تعتقد أن بإمكان الله أن يريه طريق الخلاص؟ "لاَ يَتَبَاطَأُ الرَّبُّ عَنْ وَعْدِهِ كَمَا يَحْسِبُ قَوْمٌ التَّبَاطُؤَ، لكِنَّهُ يَتَأَنَّى عَلَيْنَا، وَهُوَ لاَ يَشَاءُ أَنْ يَهْلِكَ أُنَاسٌ، بَلْ أَنْ يُقْبِلَ الْجَمِيعُ إِلَى التَّوْبَةِ."(2بط9:3)

 

"ذَابحُ الْحَمْدِ يُمَجِّدُنِي، وَالْمُقَوِّمُ طَرِيقَهُ أُرِيهِ خَلاَصَ اللهِ." (مزمور 23:50)

يمكنني تفسير هذه الآية كالتالي: عندما يرى الله إنسانًا منفتحًا من نحوه ويصرخ إليه من أعماق قلبه سيرسل له الإنجيل ولا يهم كم يبعد عن أقرب مؤمن بإمكانه أن يشارك معه بشارة الإنجيل أو في أيِّ بلدٍ يعيش. أليس هذا ما حصل مع اللِّص على الصليب؟ لم يقل الكلمات التي نتوقّع أن نسمع، لكنّ المسيح قبله لأن قلبه كان جاهزًا. الله ينظر إلى القلب وليس إلى الكلمات التي نتفوّه بها (1صموئيل7:16). البعض منكم فارقوا أحبَّاء لهم ولا تعرفون أين هم الآن لأنّهم لم يقوموا بما نتوقّع أن يقوم به المسيحي الحقيقي. لكن من الممكن أن تتفاجأوا في ذلك اليوم؛ فالله وحده يعرف القلوب.

 

يُغلق الباب وتأتي الدينونة

"لأَنَّ الآبَ لاَ يَدِينُ أَحَدًا، بَلْ قَدْ أَعْطَى كُلَّ الدَّيْنُونَةِ لِلابْنِ" (يوحنا 22:5)

 

نُخبر عن دينونتين: الأولى عند مجيء المسيح الثاني عندما يفرِّق المؤمنين بالمسيح عن غير المؤمنين كما تُفرّق الحملان عن الجداء (متى31:25-46). وهنا تبدأ مرحلة السلام لألف سنة. بعد ذلك تأتي دينونة العرش الأبيض حيث يُدان الأموات. نقرأ أن الموت والهاوية سيسلِّمان أمواتهما حيث يُرمون في البحيرة المتّقدة بالنار (رؤيا يوحنّا 11:20-15). أنا أؤمن أنّ كل الذين يموتون في أيِّ وقتٍ كان سوف يُدانون، وإلاّ فكيف أُرسِل الغنيّ إلى جهنّم ولعازر إلى حضن ابراهيم؟ سندرس هذا المقطع من لوقا 16 في مرحلة لاحقة، لكن من الواضح أنّ هنالك دينونة مباشرة بعد الموت: "وَكَمَا وُضِعَ لِلنَّاسِ أَنْ يَمُوتُوا مَرَّةً ثُمَّ بَعْدَ ذلِكَ الدَّيْنُونَةُ" (عبرانيين 27:9).

 

لن يُدان المؤمن عن خطاياه، بل هو محميٌّ في ما فعله يسوع عنه على الصليب. "اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ يَسْمَعُ كَلاَمِي وَيُؤْمِنُ بِالَّذِي أَرْسَلَنِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَلاَ يَأْتِي إِلَى دَيْنُونَةٍ، بَلْ قَدِ انْتَقَلَ مِنَ الْمَوْتِ إِلَى الْحَيَاةِ." (يوحنا24:5). لكن الدينونة التي سيخضع لها ستقرّر المكافآت التي سيحصل عليها وستكشف كيف استخدم امكانياته من وقت وطاقة ومهارات ومال. وقد ذُكِر في أكثر من مكان في الكتاب المقدّس عن وقت سيقف فيه المؤمنون ليقدّموا حسابًا عن وكالتهم على هذه الأرض.

 

ذكر الكاتب والمحاضر جون بيفر في كتابه "مندفع نحو الأبديّة" التالي:

" إذا قارنت أو قسّمت أي رقم محدّد باللانهاية تكون النتيجة صفرًا. فلا يهمّ كم تعيش على هذه الأرض حتى ولو لمئة وخمسين سنة فهي صفر مقارنة بالأبديّة. ممّا يعني أننا كمؤمنين كل ما نقوم به على هذه الأرض هو صفر مقارنة بالوقت الذي سنقضيه في الأبديّة. تذكّر أنّ أين سنقضي الأبدية يُحدَّد بما نفعل بصليب يسوع المسيح وغفرانه لنا، وكيف سنقضي الأبدية في ملكوته يُحدّد بكيف عشنا كمؤمنين."

 

"وَأَمَّا أَنْتَ، فَلِمَاذَا تَدِينُ أَخَاكَ؟ أَوْ أَنْتَ أَيْضًا، لِمَاذَا تَزْدَرِي بِأَخِيكَ؟ لأَنَّنَا جَمِيعًا سَوْفَ نَقِفُ أَمَامَ كُرْسِيِّ الْمَسِيحِ،... فَإِذًا كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا سَيُعْطِي عَنْ نَفْسِهِ حِسَابًا ِللهِ." (رومية 10:14و12)

 

"لذلِكَ نَحْتَرِصُ أَيْضًا ­مُسْتَوْطِنِينَ كُنَّا أَوْ مُتَغَرِّبِينَ­ أَنْ نَكُونَ مَرْضِيِّينَ عِنْدَهُ. لأَنَّهُ لاَبُدَّ أَنَّنَا جَمِيعًا نُظْهَرُ أَمَامَ كُرْسِيِّ الْمَسِيحِ، لِيَنَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مَا كَانَ بِالْجَسَدِ بِحَسَبِ مَا صَنَعَ، خَيْرًا كَانَ أَمْ شَرًّا." (2كورنثوس 9:5-10)

 

المثول أمام كرسي المسيح أو كرسي الدينونة ممكن أن يتم حين يرجع المسيح أو ربّما حين يموت المؤمن. وكلمة دينونة المستخدمة في اللغة اليونانية هي bēma وتضمّنت أربعة استخدامات في اللغة المحكية في تلك الأيّام عندما كتب بولس إلى أهل رومية وكورنثوس.

 

1. مِشية الإنسان التي تبرز شخصيته

2.منصّة لشخصية مهمّة (راجع أعمال الرسل6:25و10و17)

3. "منصة تقديم الجوائز" في المسابقات الرياضيّة، ولهذا يعتقد البعض أن ال“bema” هي مجرّد مكان لتوزيع الجوائز وليس للدينونة.

4. منصّة المحاكمة (وذلك من ناحية قانونية علمانية)، وقد شدّد بولس الرسول على هذا المعنى في أعمال الرسل10:25 و رومية 12:14 3

 

ويصف قاموس Vine أنّ كلمة bema تعني حرفيًا "أن يضع قدمه على."4 ممّا يعني "مكان أو منصّة عالية حيث مكان الإجتماع أو مكان الذي تُقام فيه المحاضرات. وأصبحت الكلمة تُستخدم للمنبر؛ يقف المتهم أمام منبر ويقف المدافع أمام منبر ثانٍ أمام القاضي أو الوالي.

 

هناك عدّة أمور مهمّة لذلك أوّلها أنّ كل النوايا والأفعال ستُكشف أمام المسيح:

"لأَنَّهُ لَيْسَ خَفِيٌّ لاَ يُظْهَرُ، وَلاَ مَكْتُومٌ لاَ يُعْلَمُ وَيُعْلَنُ." (لوقا 17:8).

"وَلَيْسَتْ خَلِيقَةٌ غَيْرَ ظَاهِرَةٍ قُدَّامَهُ، بَلْ كُلُّ شَيْءٍ عُرْيَانٌ وَمَكْشُوفٌ لِعَيْنَيْ ذلِكَ الَّذِي مَعَهُ أَمْرُنَا." (عبرانيين13:4).

 

ويكتب جون بيفر أيضًا:

"يظنّ البعض مخطئين أن كل دينونة مستقبلية قد حُذفت بسبب خلاصنا. بالفعل فإنّ دم يسوع يطهّرنا من خطايانا التي تمنعنا من دخول الملكوت لكنّه لا يعفينا من الدينونة عن كيف تصرّفنا كمؤمنين إن كان صالحًا أو سيئًا."5

كل شيء سيُعلن وسيُكشف أخيرًا. وسوف نعرف الخفايا الكبرى للحياة؛ لن يكون أي أمرٍ مخفيًا ليس بالضرورة من الناحية السلبية فقط، فهناك أعمال جيّدة قام بها البعض منا بالسرّ وقد رأى الله رغبات ونوايا قلوبنا وسوف يكافئنا في العلن.

وهناك آخرين الذين نعرف عنهم القليل إذ يعملون بصمت ربما في أماكن نائية لكنّ الله يستمتع بما يعملون. والبعض منكم أعطى وبذل بالسرِّ وبسخاء للفقراء وذلك خدمة لله:

 

"... فَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ يُجَازِيكَ عَلاَنِيَةً." (متى 18:6)

"وَمَنْ سَقَى أَحَدَ هؤُلاَءِ الصِّغَارِ كَأْسَ مَاءٍ بَارِدٍ فَقَطْ بِاسْمِ تِلْمِيذٍ، فَالْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ لاَ يُضِيعُ أَجْرَهُ." (متى42:10)

 

إنّ الله يرى كل ما نعمل من أجله ولا يغفل عنه أيَّ أمرٍ. لذا نقول:

 

"ثُمَّ يَقُولُ الْمَلِكُ لِلَّذِينَ عَنْ يَمِينِهِ: تَعَالَوْا يَا مُبَارَكِي أَبِـــي، رِثُوا الْمَلَكُوتَ الْمُعَدَّ لَكُمْ مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ. لأَنِّي جُعْتُ فَأَطْعَمْتُمُونِـي. عَطِشْتُ فَسَقَيْتُمُونِـي. كُنْتُ غَرِيبًا فَآوَيْتُمُونِـي. عُرْيَانًا فَكَسَوْتُمُونِـي. مَرِيضًا فَزُرْتُمُونِـي. مَحْبُوسًا فَأَتَيْتُمْ إِلَيَّ. فَيُجِيبُهُ الأَبْرَارُ حِينَئِذٍ قَائِلِينَ: يَارَبُّ، مَتَى رَأَيْنَاكَ جَائِعًا فَأَطْعَمْنَاكَ، أَوْ عَطْشَانًا فَسَقَيْنَاكَ؟ وَمَتَى رَأَيْنَاكَ غَرِيبًا فَآوَيْنَاكَ، أَوْ عُرْيَانًا فَكَسَوْنَاكَ؟ وَمَتَى رَأَيْنَاكَ مَرِيضًا أَوْ مَحْبُوسًا فَأَتَيْنَا إِلَيْكَ؟ فَيُجِيبُ الْمَلِكُ وَيَقوُل لَهُمْ: الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: بِمَا أَنَّكُمْ فَعَلْتُمُوهُ بِأَحَدِ إِخْوَتِــي هؤُلاَءِ الأَصَاغِرِ، فَبِي فَعَلْتُمْ." (متى 34:25-40)

اللافت للنظر أنّه يمكن أن ينسى المؤمنون الأعمال الحسنة التي قاموا بها، لكن الله لا ينسى فقد سجّل كل عمل صالح وسوف يكافئنا عنه في العلن عند كرسي دينونة المسيح.

صلاة: أيُّها الآب، ساعدنا أن نتنبّه أنَّ كلّ يومٍ هو تحضير للأبديّة، وأن نكون منفتحين للطرق التي تريد أن تعلّمنا من خلالها وتهيئنا لذلك اليوم. شكرًا لحمايتك لنا حتى يأتي ذلك اليوم. آمين.

 

Keith Thomas.

Email: keiththomas7@gmail.com

Website: www.groupbiblestudy.com


 

bottom of page