top of page

لمشاهدة المزيد من دراسات الكتاب المقدس باللغة العربية ، انقر هنا.

23. Jesus Anointed at Bethany

23. يسوع يُدهن بالعطر في بيت عنيا

سؤال للمشاركة: ما هي أثمن هديَّة تلقَّيتها يومًا؟

 

ثُمَّ قَبْلَ الْفِصْحِ بِسِتَّةِ أَيَّامٍ أَتَى يَسُوعُ إِلَى بَيْتِ عَنْيَا، حَيْثُ كَانَ لِعَازَرُ الْمَيْتُ الَّذِي أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ.

فَصَنَعُوا لَهُ هُنَاكَ عَشَاءً. وَكَانَتْ مَرْثَا تَخْدِمُ، وَأَمَّا لِعَازَرُ فَكَانَ أَحَدَ الْمُتَّكِئِينَ مَعَهُ.

فَأَخَذَتْ مَرْيَمُ مَنًا مِنْ طِيبِ نَارِدِينٍ خَالِصٍ كَثِيرِ الثَّمَنِ، وَدَهَنَتْ قَدَمَيْ يَسُوعَ، وَمَسَحَتْ قَدَمَيْهِ بِشَعْرِهَا، فَامْتَلأَ الْبَيْتُ مِنْ رَائِحَةِ الطِّيبِ.

فَقَالَ وَاحِدٌ مِنْ تَلاَمِيذِهِ، وَهُوَ يَهُوذَا سِمْعَانُ الإِسْخَرْيُوطِيُّ، الْمُزْمِعُ أَنْ يُسَلِّمَهُ:

«لِمَاذَا لَمْ يُبَعْ هذَا الطِّيبُ بِثَلاَثَمِئَةِ دِينَارٍ وَيُعْطَ لِلْفُقَرَاءِ؟»

قَالَ هذَا لَيْسَ لأَنَّهُ كَانَ يُبَالِي بِالْفُقَرَاءِ، بَلْ لأَنَّهُ كَانَ سَارِقًا، وَكَانَ الصُّنْدُوقُ عِنْدَهُ، وَكَانَ يَحْمِلُ مَا يُلْقَى فِيهِ.

فَقَالَ يَسُوعُاتْرُكُوهَا! إِنَّهَا لِيَوْمِ تَكْفِينِي قَدْ حَفِظَتْهُ،

لأَنَّ الْفُقَرَاءَ مَعَكُمْ فِي كُلِّ حِينٍ، وَأَمَّا أَنَا فَلَسْتُ مَعَكُمْ فِي كُلِّ حِينٍ».

فَعَلِمَ جَمْعٌ كَثِيرٌ مِنَ الْيَهُودِ أَنَّهُ هُنَاكَ، فَجَاءُوا لَيْسَ لأَجْلِ يَسُوعَ فَقَطْ، بَلْ لِيَنْظُرُوا أَيْضًا لِعَازَرَ الَّذِي أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ.

فَتَشَاوَرَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ لِيَقْتُلُوا لِعَازَرَ أَيْضًا،

لأَنَّ كَثِيرِينَ مِنَ الْيَهُودِ كَانُوا بِسَبَبِهِ يَذْهَبُونَ وَيُؤْمِنُونَ بِيَسُوعَ. (يوحنا 1:12-11).

 

يكرِّس الرسول يوحنا ثمانية أصحاحات من سفره للأحداث التي جرت خلال الأيَّام الست الأخيرة قبل الصلب. وقد إعتبرها مهمَّة جدًّا بسبب الأمور التي علَّمها وفعلها يسوع خلالها. ونقرأ في نهاية الإنجيل في الأصحاح الحادي عشر أنَّ يسوع ذهب إلى مدينة أفرايم حيث مكث هو وتلاميذه حتَّى عيد الفضح بستَّة أيَّام. ونقرأ في بداية الأصحاح الثاني عشر أنَّه رجع إلى بيت عنيا لكي يطمئن على مريم ومرثا ولعازر. وكان مدركًا الخطر المحيط بلعازر أيضًا، إذ نقرأ أنَّ رؤساء الكهنة خطَّطوا لقتله بسبب الشهادة التي قدَّمها بأن يسوع يقيم من الموت (يوحنا 10:12). ربَّما واجهت أنت أيضًا مقاومة روحيَّة بسبب شهادتك لكيف أقامك المسيح من الموت في الخطايا والذنوب وأحياك مع الله (أفسس 1:2 و 5). فالعدو يحاول دائمًا أن يُسكت أيَّة شهادة لقوَّة الله المغيِّرة للحياة.

 

وقدَّم لنا يسوع مثالاً جيِّدًا لضرورة زيارة الأصدقاء والإطمئنان عليهم. ولا بدَّ أنَّ بيت لعازر ومريم ومرثا إمتلأ بالفرح حين دخل يسوع إليه. هل يمكنك أن تتخيَّل مدى الروعة في أن يزورك يسوع في بيتك؟

 

وقبل عيد الفصح، دُعي يسوع إلى بيت سمعان الأبرص لتناول الغداء. ونستنتج عند قراءتنا للحادثة كما أتت في إنجيل يوحنا أنَّ الحادثة جرت في بيت مرثا، أمَّا عند مقارنتها مع باقي الأناجيل التي تقدِّم لنا تفاصيل إضافيَّة نجد أنَّها حدثت في بيت سمعان الأبرص (راجع منى 6:26-13، ومرقس 1:14-11). ويذكر لوقا في إنجيله حادثة أخرى جرت سابقًا في بداية خدمة يسوع حين دهنته إمرأة بالطيب. ويُعتقد أنَّ هذه حادثة منفصلة ولا يجب الخلط بينها وبين دهن مريم أخت لعازر له بالطيب (لوقا 36:7-50). ونقرأ في إنجيل يوحنا أنَّ الوليمة أقيمت على شرف يسوع وأنَّ لعازر كان متكئًا على الطاولة أيضًا. وكانت مرثا تشرف على خدمة ضيوف سمعان. ويمكننا الإعتقاد بأنَّ يسوع كان قد أبرأ سمعان من برصه، لأنَّه لم يعد أبرصًا كما هو واضح. وقد نُصَّت قوانين صارمة بالنسبة للمريض المـــُصاب بالبرص، وكان أحدها أنَّه ليس بإمكانه السكن وسط الجماعة (سفر العدد 1:5-3)، وكان عليه الصراخ بأعلى صوته:"نجس، نجس"، وتغطية الجزء الأسفل من وجهه، وإرتداء ملابس بالية، وقرع جرس لكلِّ من يقترب منه (سفر اللاويين 45:13) ونقرأ في سفر اللاويين أيضًا أنَّ على الأبرص أن يعيش منفردًا (لاويين 46:13). ولا نقرأ أنَّ سمعان كان قد أُبرِأ، لكن يبدو ذلك من خلال الوليمة التي أقامها ومن كون يسوع ضيف الشرف.

 

كيف كانت حياة الأبرص في تلك الفترة؟ هل حدث أن نبذك الآخرون يومًا؟

 

كان الضيوف جالسين حول المتكأ الذي كان على شكل U بإرتفاع قدم أو قدمين عن الأرض. وكان يُصنع من ثلاث طاولات طويلة توضع على شكل U ويُوجَّه الجزء المفتوح بإتجاه الخدم لكي يقدِّموا الطعام بسهولة دون إزعاج الضيوف. وكان الضيوف يتكئون حول الطاولة على فرش ناعمة ويستندون على أحد الكوعين بينما يتركون اليد الأخرى حرَّة فيتناولون الطعام بها. وغالبًا ما كان رأس الجالس يلمس صدر جاره (يوحنا 25:13)، بينما كانت الرجلان تلفَّان نحو الخلف حيث يبقى فراغ صغير بين الحائط والمسند. وقد ساعد هذا الفراغ مريم أخت لعازر على الإلتفاف من حول يسوع والإقتراب من قدميه لتسكب عليهما طيب الناردين الخالص الكثير الثمن.

 

وكان هذا الناردين يُستخلص من نبتة عطرية نبالية تُدعى Nardostachys jatamansi وكان يُضبط في جرَّة لكي يبقى طازجًا ويُحافظ على رائحته لإستخدامه في الوقت المعيَّن. نقرأ في متى 7:26 أنَّ الناردين الخالص كان موضوعًا في قارورة من المرمر. ولا نعلم كيف إستطاع يهوذا حساب ثمنه، إلاَّ أنَّه خمَّن أنَّ ثمنه يساوي أجرة سنة كاملة. ونقرأ في النص أنَّ ثمنه كان يساوي ثلاثمائة دينار وكانت أجرة يوم عمل هي دينار واحد، وهكذا فهو كان يساوي أجرة عامل لسنة كاملة. ويضيف مرقس أنَّ مريم كسرت القاروة وسكبت الطيب على رأس يسوع (مرقس 3:14). ولا بدَّ أن الصمت حلَّ على الضيوف بينما كانت تكسره.

 

يدوِّن متى ومرقس أنَّ الصيب سُكِب على رأس يسوع، أمَّا يوحنا فيقول إنَّ مريم سكبته على قدميه. ولا يذكر أي من متَّى ومرقس أنَّ مريم فعلت ذلك، وربَّما يعود ذلك لحمايتها إذ كتب إنجيليهما في فترة قريبة جدًّا من الحادثة. أمَّا يوحنا فكتب إنجيله قرابة نهاية القرن الأوَّل أي ما يقارب سنة 96 م، فلم يكن بحاجة أن يحمي أي أحد من ردَّة فعل القادة الدينيين. يا له من فعل رائع قامت به مريم وقد دلَّ على تكريسها للرب. أتت بكنزها التي حصلت عليه بعد تعب سنين عديدة وكسرته ثم سكبته على رأس يسوع ثم على قدميه. ويمكن أن تكون مريم قد سمعت عن المرأة الزانية التي سكبت الطيب على يسوع بينما كان يتعشَّى في منزل أحد الفريسيين. وربَّما ارادت أن تعبد الربّ وتشكره بالطريقة نفسها (لوقا 36:7-39).

 

قامت مريم بأمر ما كانت أيَّة إمرأة يهودية محترمة تجرؤ على فعله، إذ أرخت شعرها الطويل ومسحت به العطر من رجلي المسيح. ولم يُسمع صوت في الغرفة، إنِّي على يقين أنَّ الجميع كانوا ينظرون إلى التكريس النقي الذي أظهرته من نحو يسوع.

 

عندما أرخت مريم شعرها كسرت بذلك بعض تقاليد تلك الحضارة، ما أدَّى إلى إندهاش الكثيرين. وكانت تلمس رجلي ضيف الشرف، ثمّ تمسحهما بشعرها الذي هو تاج ومجد المرأة (1 كورنثوس 15:11) ضاربة بعرض الحائط كل كرامة. فاض قلب مريم بالمحبَّة والإمتنان للرب لما فعله ليس فقط للعازر، بل للوقت الذي صرفه معها ومع لعازر ومرثا حيث علَّمهم بلطف كيف يحبّون الآب. وأرادت أن تبادر بأمر كردٍّ لجميله ومحبَّته.

 

نرى هنا قوَّة المحبَّة المضحيَّة (أغاﭘـــي) الذي أظهرها الربّ من نحونا. فنحن نحب لأنَّه هو أحبَّنا أوَّلاً (1يوحنا 19:4). فعندما نرى عمق محبَّة الآب المظهرة من نحونا، فنحن نقع في محبَّته ومحبَّة الذين يحبّونه. ويصبح بإستطاعتنا عندئذٍ أن نحبّ أعداءنا كردَّة فعل لمحبّته لنا.

 

تخيَّل أنَّك كنت ضيفًا في تلك الوليمة، كيف كانت ردَّة فعل بعض الضيوف تجاه ما قامت به مريم والذي دلَّ على تكريس كبير للربّ؟ ما يمكن أن تكون ردَّة فعلك أو الأفكار التي جالت في عقلك؟

 

نقرأ هنا الجملة الوحيدة التي تفوَّه بها يهوذا في كامل العهد الجديد:"لِمَاذَا لَمْ يُبَعْ هذَا الطِّيبُ بِثَلاَثَمِئَةِ دِينَارٍ وَيُعْطَ لِلْفُقَرَاءِ؟ (ع 5) . ولا يجب أن نظنَّ أنَّه كان مهتمًّا بالفقراء، لأنَّ يوحنا يكتشف لاحقًا أنَّه كان يسرق من الصندوق إذ كان هو أمين الصندوق. فكلَّما واجه إحتياجًا ماديًّا كان يأخذ منه. وقد تفوَّه في تلك اللحظة بما كان يدور في فكره. وأظهر إمتعاضه أمام الجميع لما قامت به مريم لأنَّه خسر إمكانية ربح بعض من المال الذي قاربت قيمته معاش سنة كاملة.

 

هل تعتقد أنَّ عادة يهوذا بأن يسرق من الصندوق قادته لإنكار يسوع؟ ناقشوا كيف يمكن لخطيَّة أن تقود لخطايا أخرى.

 

لا يبدو من الصدفة أن يكون كلا متى ومرقس قد ذكرا أنَّه بعد تلك الحادثة مباشرة ذهب يهوذا إلى قادة اليهود وطلب المال مقابل تسليم يسوع لهم (متى 14:26 ومرقس 10:14). وعلينا أن نتنبَّه لقلع جذور الخطيَّة من داخلنا، لأن ما في الداخل سيخرخ من خلال كلامنا وأفعالنا. وقد فسِّر يسوع الأمر على الشكل التالي: "اَلإِنْسَانُ الصَّالِحُ مِنْ كَنْزِ قَلْبِهِ الصَّالِحِ يُخْرِجُ الصَّلاَحَ، وَالإِنْسَانُ الشِّرِّيرُ مِنْ كَنْزِ قَلْبِهِ الشِّرِّيرِ يُخْرِجُ الشَّرَّ. فَإِنَّهُ مِنْ فَضْلَةِ الْقَلْبِ يَتَكَلَّمُ فَمُهُ."(لوقا 45:6).

 

وأضاف يسوع قائلاً إنَّ مريم قد حفظت ذلك العطر لتكفينه، إذ من المرجَّح أن يكون قد أخبر مريم ومرثا ولعازر إنَّه سيموت على أيدي قادة اليهود والرومان وإنَّه سيقوم بعد ثلاثة أيَّام. وكانت مراسيم الدفن تقضي بغسل الجسد وتطييبه بالزيوت والأطياب تمامًا كما فعلت مريم ليسوع. ولا نعرف إن كانت تمسح المسيح بالأطياب عن عمد لدفنه، أم أنَّ الروح أوعز إليها أن تفعل ذلك قبل حلول الوقت إذ كان الصلب والفصح على بعد يومين فقط (متى 2:26و مرقس 1:14). وربَّما أدركت أنَّ تلك كانت الفرصة الأخيرة لقضاء الوقت مع يسوع.

 

أذكر أنَّه بعد فترة قصيرة من تسليم حياتي للمسيح، كنت أحضر مؤتمرًا مسيحيًّا عُقِد في ولاية فرجينيا. فسمعت للمرَّة الأولى في حياتي عن محبَّة الربّ وماذا فعل المسيح ليفديني فأصبح طاهرًا بنظره. وعندما فهمت ما يقوله الإنجيل تجاوبت مع الدعوة وتقابلت مع الروح القدس إذ قدَّمت حياتي بالكامل للمسيح. وأخيرًا وجدت ما كان يبحث عنه قلبي الخالي.

 

وكان عطشي لمقابلة الربّ قد أخذني إلى عدد من البلاد للبحث عنه. لكن في اللحظة التي تجاوبت فيها وتقابلت مع الربّ، أصبح قلبي طليقًا ونظيفًا أمامه، ورُفِع عنِّي كلّ شعور بالذنب بسبب حياة الخطيَّة التي كنت أحياها. ولم أكن أعرف أنِّي أحمل حملاً ثقيلاً من الخطايا إلاَّ بعد أن نزل عن كاهلي وشعرت بالحرِّيَّة.

 

شعرت بروعة الحياة التي لم أكن أشعر بها من قبل. وفي اليوم التالي سمعت إحدى الأخوات التي كانت قد شجَّعتني في مسيرة إيماني أنَّها إستلمت كلمة نبويَّة تقول إنَّها سوف تزور الأراضي المقدَّسة وأنَّ أحدهم سوف يقدِّم لها مبلغًا صغيرًا لمساعدتها في شراء تذكرة الطيران. وشعرت مثل مريم أنَّ هناك كنزًا أخبئه وقد جلبته معي إلى الولايات المتحِّدة من بريطانيا. وكنت قبل تسعة أشهر في رحلة إلى الهند وإشتريت فيلاً فضيَّا مرصَّعًا بالياقوت الثمين جزئيًّا كتذكار من تلك البلاد. ولم يكن بخس الثمن بل دفعت ثمنه بضع مئات من الليرة البريطانية. فراودتني الفكرة بأنَّه عليَّ أن أقدِّمه لتلك السيِّدة بأمل أن تستطيع بيعه وإستخدام المال لشراء تذكرة السفر ليستخدمها الربَ في الأراضي المقدَّسة. وشعرت بالسرور بأن أقوم بدور من خلال الفيل الهنديّ في عمل الرب. فلا يمكن أن نخسر إن وضعنا أيّ شيء بين يديه. ووجدت لاحقًا أنَّها سافرت مستخدمة المال الذي حصلت عليه مقابل بيع الفيل، وشجَّعتني أن أسافر أنا أيضًا إلى هناك.

 

لو لم أتخلَّ عن كنزي لكنت خسرت فرصة زيارة الأراضي المقدَّسة، وكنت خسرت الفرصة لأكتسب لاحقًا بصيرة ومعرفة من خلال سكني هناك لمدَّة سنة ونصف السنة. يقول الكتاب المقدَّس:"إرمِ خبزك على وجه المياه فإنَّك تجده بعد أيَّام كثيرة." وإن كنتِ تقرأين هذا الدرس يا ﭘـــولا سو فإني أتوجَّه إليك بالشكر!

 

هل يمكنك أن تتذكَّر مرَّة حصلت فيها على بركة لأنَّك ساعدت أحدهم؟

 

يسوع يدخل إلى أورشليم كملك

 

وَفِي الْغَدِ سَمِعَ الْجَمْعُ الْكَثِيرُ الَّذِي جَاءَ إِلَى الْعِيدِ أَنَّ يَسُوعَ آتٍ إِلَى أُورُشَلِيمَ،

فَأَخَذُوا سُعُوفَ النَّخْلِ وَخَرَجُوا لِلِقَائِهِ، وَكَانُوا يَصْرُخُونَ: «أُوصَنَّا! مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ! مَلِكُ إِسْرَائِيلَ

وَوَجَدَ يَسُوعُ جَحْشًا فَجَلَسَ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ:

«لاَ تَخَافِي يَا ابْنَةَ صَهْيَوْنَ. هُوَذَا مَلِكُكِ يَأْتِي جَالِسًا عَلَى جَحْشٍ أَتَانٍ».

وَهذِهِ الأُمُورُ لَمْ يَفْهَمْهَا تَلاَمِيذُهُ أَوَّلاً، وَلكِنْ لَمَّا تَمَجَّدَ يَسُوعُ، حِينَئِذٍ تَذَكَّرُوا أَنَّ هذِهِ كَانَتْ مَكْتُوبَةً عَنْهُ، وَأَنَّهُمْ صَنَعُوا هذِهِ لَهُ.

وَكَانَ الْجَمْعُ الَّذِي مَعَهُ يَشْهَدُ أَنَّهُ دَعَا لِعَازَرَ مِنَ الْقَبْرِ وَأَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ.

لِهذَا أَيْضًا لاَقَاهُ الْجَمْعُ، لأَنَّهُمْ سَمِعُوا أَنَّهُ كَانَ قَدْ صَنَعَ هذِهِ الآيَةَ.

فَقَالَ الْفَرِّيسِيُّونَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «انْظُرُوا! إِنَّكُمْ لاَ تَنْفَعُونَ شَيْئًا! هُوَذَا الْعَالَمُ قَدْ ذَهَبَ وَرَاءَهُ!». (يوحنا 12:12-19)

 

يبدو يوحنا دقيقًا في إيضاح التوقيت الذي دخل فيه يسوع إلى أورشليم. ونقرأ في 1:12 أنَّ المسيح رجع إلى بيت عنيا قبل ستَّة أيَّام من حلول عيد الفصح. ثمّ نقرأ إنَّ دخول يسوع إلى أورشليم راكبًا على جحش حصل في اليوم التالي (يوحنا 12:12). ويخبرنا مرقس أنَّ حادثة الدخول حصلت عند عصر اليوم التالي: "فَدَخَلَ يَسُوعُ أُورُشَلِيمَ وَالْهَيْكَلَ، وَلَمَّا نَظَرَ حَوْلَهُ إِلَى كُلِّ شَيْءٍ إِذْ كَانَ الْوَقْتُ قَدْ أَمْسَى، خَرَجَ إِلَى بَيْتِ عَنْيَا مَعَ الاثْنَيْ عَشَرَ." (مرقس 11:11).

 

من اللافت أيضًا أن يكتب يوحنا أن عشاء الفصح الأخير ليسوع وتلاميذه حدث قبل عيد الفصح الذي كان سيحلّ في أورشليم بيوم واحدٍ "قَبْلَ عِيدِ الْفِصْحِ"(يوحنا 1:13). ويشرح جون ماكآرثر الإطار الزمني في كتابه مقتل يسوع قائلاً إنَّه كان يُقدَّم كذبائح ما يزيد عن الربع مليون حملٍ في عيد الفصح خلال وجود يسوع على الأرض. ويذكر أنَّه كان يجب تقديم الذبائح في فترة لا تتجاوز الساعتين:

 

"إتَّبع اليهود في زمن يسوع أسلوبين في حساب الروزنامة ما ساعد على تخطِّي المشكلة. فكان الفريسيون ويهود الجليل وسكان المقاطعة الشماليَّة لإسرائيل يحسبون أيَّامهم من شروق الشمس إلى معاودة شروقها مرَّة أخرى. أمَّا الصدّوقيين وسكان أورشليم والمقاطعات المجاورة فكانوا يحسبون من غروب الشمس إلى معاودة غروبها مرَّة أخرى. ما يعني أنَّ الرابع عشر من نيسان كان يقع يوم الخميس بالنسبة لسكَّان الجليل، بينما كان يقع يوم الجمعة بالنسبة لسكَّان أورشليم. (وهذا يشرح لماذا أكل يسوع وتلاميذه الفصح في العلِّيَّة يوم الخميس إذ كانوا جميعهم من الجليل، بينما يدوِّن يوحنا أنَّ قادة اليهود الذين كانوا جميعًا من سكَّان أورشليم لم يكونوا قد إحتفلوا بالفصح عندما أُخِذ يسوع إلى المحاكمة في دار الولاية. كذلك يشرح لماذا يشير يوحنا في 14:19 أنَّ محاكمة يسوع وصلبه حصلا في يوم التحضير للفصح)".

 

لماذا يبدو هذا الأمر مهمًّا؟ كان يجب جلب حمل الفصح إلى بيوت الذين يحضِّرون للإحتفال بالفصح قبل أربعة أيَّام من تقديمه:

 

فِي الْعَاشِرِ مِنْ هذَا الشَّهْرِ يَأْخُذُونَ لَهُمْ كُلُّ وَاحِدٍ شَاةً بِحَسَبِ بُيُوتِ الآبَاءِ، شَاةً لِلْبَيْتِ.

وَإِنْ كَانَ الْبَيْتُ صَغِيرًا عَنْ أَنْ يَكُونَ كُفْوًا لِشَاةٍ، يَأْخُذُ هُوَ وَجَارُهُ الْقَرِيبُ مِنْ بَيْتِهِ بِحَسَبِ عَدَدِ النُّفُوسِ. كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى حَسَبِ أُكْلِهِ تَحْسِبُونَ لِلشَّاةِ.

تَكُونُ لَكُمْ شَاةً صَحِيحَةً ذَكَرًا ابْنَ سَنَةٍ، تَأْخُذُونَهُ مِنَ الْخِرْفَانِ أَوْ مِنَ الْمَوَاعِزِ.

وَيَكُونُ عِنْدَكُمْ تَحْتَ الْحِفْظِ إِلَى الْيَوْمِ الرَّابِعَ عَشَرَ مِنْ هذَا الشَّهْرِ. ثُمَّ يَذْبَحُهُ كُلُّ جُمْهُورِ جَمَاعَةِ إِسْرَائِيلَ فِي الْعَشِيَّةِ. (سفر الخروج 3:12-6)

 

كان يجب فحص الخروف قبل أربعة أيَّام من تقديم ذبيحة الفصح. وقد تمَّم يسوع هذا الأمر حرفيًّا إذ إنَّه دخل إلى أورشليم قبل أربعة أيَّام من حلول عيد الفصح لكي يتمّ فحصه لأربعة أيَّام قبل حلول الرابع عشر من شهر نيسان.

 

تخيَّل حال الأسر اليهوديَّة حيث كان الحمل يُربط فيها لأربعة أيَّام. ربَّما كان الأولاد يتبادلون الأدوار في إطعامه وتنظيفه فتتوطَّد علاقتهم به. وبعد أربعة أيَّام من فحصه والتقرّب منه لا بدَّ أن قلوب أفراد العائلة كانت تنكسر إذ تأخذ ذلك الحمل الصغير وتسفك دمه في عشيَّة الرابع عشر من نيسان فدية عن كلّ واحد منهم. وكان الربّ لا يقبل سوى حمل من دون عيب وقد تمَّ فحصه للتأكَّد من كماله. وقد وافى الربّ يسوع تلك الشروط من كلّ ناحية إذ هو حمل فصحنا.

 

وكان دانيال قد تنبَّأ أنَّه سيمرّ ستَّة وتسعون "أسبوع سنوات" أي 173,880 يومًا من وقت إعلان إعادة بناء الهيكل وحتَّى مجيء المسيَّا (وتعني الكلمة المسيَّا الممسوح). "فَاعْلَمْ وَافْهَمْ أَنَّهُ مِنْ خُرُوجِ الأَمْرِ لِتَجْدِيدِ أُورُشَلِيمَ وَبِنَائِهَا إِلَى الْمَسِيحِ الرَّئِيسِ سَبْعَةُ أَسَابِيعَ وَاثْنَانِ وَسِتُّونَ أُسْبُوعًا، يَعُودُ وَيُبْنَى سُوقٌ وَخَلِيجٌ فِي ضِيقِ الأَزْمِنَةِ."(دانيال 25:9).

 

لقد تمَّ إحتساب عدد الأيَّام على أيدي أناس مختصِّين، وقد لاحظوا أنَّ يسوع ركب على الحمار في اليوم ال 173,880 بعدما أُعطي الأمر بإعادة بناء أورشليم وبذلك تكون النبوَّة قد تحقَّقت بالكامل. وقد ركب يسوع على الحمار في اليوم الذي تنبَّأ عنه دانيال بالتحديد. وإنِّي متأكَّد أنَّه وُجِد بين النخبة الحاكمة مثل رئيس الكهنة والصدّوقيين والكتبة إضافة إلى جزء من عامة الشعب الذين كانوا على علم بهذه النبوَّة.

 

لم يشعر يسوع بالتعب في ذلك اليوم حين ترك بيت عنيا. فقد كان شابًّا في الثلاثة والثلاثين من العمر صحيح البنية يجول سيرًا على الأقدام في إسرائيل على الأقل خلال الثلاث سنوات المنصرمة. وعندما ركب على الحمار علم أنَّ قول الكتاب سيتمَّ حتَّى ولو لم يدرك تلاميذه لذلك مباشرة (يوحنا 16:12).

 

"اِبْتَهِجِي جِدًّا يَا ابْنَةَ صِهْيَوْنَ، اهْتِفِي يَا بِنْتَ أُورُشَلِيمَ. هُوَذَا مَلِكُكِ يَأْتِي إِلَيْكِ. هُوَ عَادِلٌ وَمَنْصُورٌ وَدِيعٌ، وَرَاكِبٌ عَلَى حِمَارٍ وَعَلَى جَحْشٍ ابْنِ أَتَانٍ." (زكريا 9:9)

 

لم يأتِ ملك إسرائيل راكبًا على حصان النصرة الأبيض، بل ركب على جحش متواضع كما قال الكتاب. ونقرأ أنَّ جمعًا كبيرًا كان قد حضر للعيد، لكنَّهم تركوا المدينة وإستقبلوه بينما كان ينزل من جبل الزيتون إلى أورشليم. وحاول البعض إسكات التلاميذ: "وأَمَّا بَعْضُ الْفَرِّيسِيِّينَ مِنَ الْجَمْعِ فَقَالُوا لَهُيَا مُعَلِّمُ، انْتَهِرْ تَلاَمِيذَكَ!». فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ إِنْ سَكَتَ هؤُلاَءِ فَالْحِجَارَةُ تَصْرُخُ!»."(لوقا 39:19-40).

 

كان عدد الناس الذين إستقبلوا المسيح كبيرًا جدًّا حتَّى إنَّ الفريسيين قالوا بعضهم لبعض: "انْظُرُوا! إِنَّكُمْ لاَ تَنْفَعُونَ شَيْئًا! هُوَذَا الْعَالَمُ قَدْ ذَهَبَ وَرَاءَهُ!" (يوحنا 19:12). لا بدَّ أن يتواجد دائمًا من يغتاظون لرؤية العبادة الحقيقيَّة للربّ كما إغتاظوا من عبادة مريم له ومن ثم إستقبال الكثيرين له حين دخل إلى أورشليم. وبينما ننهي دراستنا لهذا اليوم، دعوني أترككم بالسؤال التالي:"كيف يمكنك أن تعبِّر عن عبادتك وتكريسك للمسيح؟"

 

صلاة: أيّها الآب، ساعدنا أن يكون لدينا دائمًا قلب عابد كقلب مريم حيث نقدّم أغلى ما لدينا لمجدك. دعنا نكون مستعدِّين لإستقبال إبنك عندما يزورنا. آمين.

 

Keith Thomas.

Email: keiththomas7@gmail.com

Website: www.groupbiblestudy.com

bottom of page